في صفحات التاريخ الإسلامي النابضة بحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي مدرسة النبوة، حيث يعشق الطالب معلمه ويترنم ذلك القلب بحبّ محمد، تجري عبارات الحب على ألسنةٍ عشقت النبي الكريم.
ومن بين الذين تولّهوا بمحمد؛ أبو ذر الغفاري الذي أوشك على الهلاك من شدة العطش في إحدى رحلاته إلى حبيبه محمد، وعندما وصل صخرة تجمّع حولها الماء، ذاق الماء فوجده بارداً عندها امتنع عن الشرب قائلًا: والله لن أشرب حتى يشرب منه حبيبي رسول الله، وملأ قربته ووضعها على كتفه وأسرع خلف جيش المسلمين، وعندما وصل بين يدي رسول الله وقد شارف على الهلاك أمر له الرسول بالماء، فقال أبو ذر بصوت ضعيف: إن معي ماءً، فتبسم الرسول وسأله: أمعك الماء وأنت تشرف على الهلاك عطشاً؟ فأجاب: يا رسول الله عندما تذوقت الماء أحزنني أن أشرب قبل أن يشرب منه حبيبي رسول الله.
سلام الله عليك يا رسول الله، لم يكن أحد يسمع كلامك ويلتذ بالحديث معك إلا وقد وقع حبك في قلبه!
ولأنك أحببت أمتك أكثر من جميع الأنبياء والرسل، كان أجر رسالتك عظيماً، يقول الحق في كتابه الكريم: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) سورة الشورى، آية 23.
وما تلك المودة إلا من أجل تهذيب النفوس وإصلاحها، ومهما يكن المراد من القربى فإنها تشمل بلا شك الإمام علي وعليه يكون حبّ علي فرضاً على الأمة.
عرفتُ عليّا منذ صغري، وشعرتُ أنني محظوظة بحب علي بن أبي طالب ليس لأنه إمامي وإنما كنت أراه بطلاً شامخاً، ولكن مهلاً لم تكن بطولته الجسدية مبعث حبه في قلبي، وإنما أحببت عليّا لارتباطه بالله تعالى؛ وقلوبنا ترتبط في أعماقها بكل من يقربنا لله، ولم يدهشني بريق حبه في قلبي، فهو امتداد لحب الأخيار في طريق محمد طاب مولدك سيدي، وطاب بقاؤك بيننا ونحن لم نرك، وما زلنا نردد “ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم”.
لقد عظم جهادك، وفاح جودك، لم تسجد إلا لله، ولم ترفع سيفا إلا في فضاء الإيمان، أفحمت البلغاء، وشربت من مناهل الأنبياء، وأقمت العدل ونصرت الحق.
منذ كنت طفلة أراه وزيراً، سفيراً، حاكماً عادلاً، أمير الأطفال، أميري علي نعم الأمير!