منطلقًا من سؤال وتساؤل سأل نفسه عنه، وسأله الآخرون أيضًا؛ كيف لا نذنب؟ سؤال أشعل التفكير والتأمل في الإجابة عنه، إلى أن تبلورت الفكرة واتضحت الإجابة، ورأى الطالب في السنة الخامسة من دراسة الطب عبد الله أحمد علي الفرج أنه من الواجب عليه أن يصيغها بقالب يصل إلى قلوب الجميع قبل أذهانهم.
الفرج الذي ينحدر من بلدة العوامية تمخض عن أفكاره طباعة كتابه الأول «كيف لا نذنب؟»، وذلك بعد أن أفسحت قبل أيام وزارة الثقافة والإعلام للكتاب، ليرى النور قبل نحو أسبوعين.
عن بداياته يقول الفرج ذو الـ٢٣ عامًا: “كنت في المرحلة المتوسطة كثيرًا ما أتناقش مع بعض الزملاء فأجدهم مثالًا لقول الشاعر؛ أحب الصالحين ولست منهم”، مضيفًا: “فالصلاح فطرة جُبل عليها البشر، إلا أن البوصلة قد تخطئ أحيانًا فتحتاج إلى من يعيد توجيهها، فكانت بعض الجهود والمحاولات الفردية حتى تحولت بفضل من الله إلى كتيب يصل إلى أيدي جميع الشباب في مختلف البلدان”.
وحكى عن أسباب تأليف الكتاب أنه مر بموقف قائلًا: “سألني أحدهم عن عمري ذات مرة فأجبته ثم سكت لبرهة منصدمًا! حيث صرت في العشرين من عمري دون أثر يذكر ولا فائدة تنشر! فقررت حينها الابتداء في مسيرة التأليف وكانت هذه هي البداية”.
وتحدث عن الصعوبات التي واجهته قائلًا: “لقد كانت هناك عدة صعوبات ولكنها تسهلت ولم يبق لها شيء، ومن ضمنها الدراسة فقد أخرت ولكنها لم تمنع”.
جلس الفرج مدة من الزمن إلى أن قرر شد الرحال إلى المدينة المنورة بجوار رسول الله (ص)، حيث جلس بالحرم النبوي الشريف وكتب المقدمة ورسم الهيكلة كاملة، والتي أخذت من وقته نحو شهر وخرجت على شكل كتاب بعنوان “كيف لا نذنب؟” في ١٠٠ صفحة والذي يحاول فيه أن يجيب عن السؤال الذي ينبغي أن تتمحور كل حياتنا حوله، حيث يصل الكتاب إلى الفكرة، بالإجابة عن عدة أسئلة وهي: كيف لا نذنب؟ هل يمكن ألا نذنب؟ أليست العصمة لأهلها؟ ثم ينتقل بالقارئ شيئًا فشيئًا بأفكار نظرية وأخرى عملية حتى يصل به إلى السؤال المناقض للعنوان تمامًا، وهو “هل يُعقل أن يعصي الله أحد؟!
١٠٠ صفحة جاءت بهدف تحقيق الهدف الأسمى من خلقنا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} بالتزام العبادة وترك الذنوب، وذلك من خلال مخاطبة حديثي البلوغ، إذ يقول الفرج: “سعيت جاهدًا لأن أوصل جميع الأفكار بأبسط لغة وأسهل مفردات حتى يسهل هضمها ويتحقق هدفها؛ وقمت بإرسال مسودة الكتاب إلى العديد من الشباب البعيدين عن القراءة حتى أسهّل ما ينبغي تسهيله ليكون مناسبًا ومفهومًا للجميع”.
ويحتوي الكتاب على عدة فصول هي: «كيف لا نذنب؟ تأصيل نظري لترك الذنب، دروس عملية خطوات عملية لعصمة النفس، آيات وروايات تربوية» ليكون هنا القارئ مستقلًا بتطبيق ما تعلمه من الكتاب؛ حسب وصف الكاتب.
وأجاب عما إذا كان قد استشهد واستدل من أحد ما في كتابه، قائلًا: “نعم؛ فأنا أقل من أن أوجه استقلالًا، وإنما أستفيد من القرآن الكريم والروايات الشريفة وأقوال العلماء وتوجيهاتهم وأصيغها في قالب مناسب للشباب”.
بعد عودته من زيارة رسول الله (ص) إلى القطيف، بدأ في عملية الفسح والتوزيع والنشر، إلى أن صدر عن دار رؤى بالبحرين، تحت تصنيف (ديني – أخلاقي – تربوي)، فيه أربعة عناوين، هي: العلم يعصم من الذنب، الإقرار بالعبودية يعصم من الذنب، ولاية أهل البيت تعصم من الذنب، ذكر الموت عاصم من الذنب، ثم يقدم ٢٠ درسًا يحاول أن يربط بها العبد بخالقه مستشعرًا نعمه، مقرًا بفضله، مبتعدًا عن مخالفته، مع ذكر ما يعين العبد على ذلك.
وبالنسبة للانطباع العام عن الكتاب يقول ابن العوامية: “أسعدني تفاعلهم وتشجيعهم ونشرهم للكتاب في مختلف البلدان، حيث أوصلوه إلى البحرين والعراق وسوريا والمغرب وغيرها من البلدان دون أن أطلب منهم ذلك”، مضيفًا أنه كُتب الكتاب إلى فئة الشباب خاصة، لكن ما إن نشر حتى قرئ من جميع الفئات العمرية وكان له الأثر الإيجابي، مهديًا كتابه لمن كان السبب في هدايته وهداية من اهتدى، إلى الإمام الحسين (ع).
وعما إذا كان هناك دافع لإصدار كُتب أخرى؛ يجيب: “هذه أولى إصداراتي، وأول تجربة فعلية لي؛ العناوين موجودة، ما إن تتبلور الأفكار وتكتمل حتى أباشر إن شاء الله، وذلك بسبب اقتدائي بجدي الحاج عبد القادر الشيخ علي أبو المكارم؛ فهو شعلة نشاط وعطاء متميزة، فما إن ينتهي من تأليف كتاب حتى يبتدئ بتأليف كتب أخرى مباشرة”.
وقدم رسالة إلى المجتمع قال فيها: “عليكم بالأحداث، فإن أنتم أصلحتموهم صلح المجتمع، وإن أنتم أهملتموهم ضاعوا وضيعوا المجتمع؛ وإلى الشباب سعادتكم في الدنيا والآخرة مرتبطة بمن خلق السعادة في الدنيا والآخرة، فلا يبعدنكم عنه شيء أبداً”، مضيفًا: “أنصح أساتذتي المؤلفين المبتعدين عن التأليف بسبب التكاليف المادية أن ينشروا كتبهم إلكترونيًا، فالعلم نور لا ينبغي أن يُطفأ أو يُخفى أبداً”.
واختتم كلامه بتوجيه الشكر الجزيل لـ«القطيف اليوم» ولكل من تفضل وسهل عملية إصدار الكتاب ونشره ووصوله إلى أيدي الشباب.
تنويه: الصور مصدرها الكاتب عبدالله الفرج