وأنا بَريدُكِ يا(قَطيفُ) فَقَبّلِي
وَجْهَ البَريدِ
فَمِلْؤُهُ (الهُفّوفُ)!
**********************
مُــنْـذُ الْـتَـقَى بـالـبَّحرِ هــذا (الـسِّـيفُ)
والــمـوجُ يـهـمـسُ لـلـرمالِ: (قـطـيفُ)!
و(قـطـيـفُ) مـــن بَــوحِ الـمـياهِ قـصـيدةٌ
لا الـــنــظــمُ يــبــلـغُـهـا ولا الــتــألــيـفُ
مـــــا طــافَــهـا عَــصْــرٌ وعــــادَ لأَهْــلِــهِ
إلَّا عــلــيــهِ نَـــــدَى الــمــجـازِ كــثــيـفُ
فــــإذا الــزمـانُ اخْــضَـرَّ بــيـن حـروفِـهـا
فــخَــضَــارُهُ عـــــن إِســمِــهـا تــعــريـفُ
تـقتاتُ مـن صـوتِ (الـحسينِ) لجُوعِها
فـكـأنَّـما صـــوتُ (الـحـسـينِ) رغــيـفُ!
*** ***
يـــا آيـــةَ الـبـحـرِ الــتـي صَــدَحَـتْ بـهـا
أمــواجُــهُ.. مــــاذا عــسـايَ أُضِــيـفُ؟!
آتِـــيــكِ مُـلـتَـبِـسًـا بـــــزورقِ لــهـفـتـي
لِـــيَ فـــي الـنـوارسِ مُـرشِـدٌ وحـلـيفُ
آتِــيـكِ فــي (الـبـحرِ الـفـصيحِ) مُـجَـدِّفًا
وأخـــــــافُ أنْ يــتــعـلـثـمَ الــتــجـديـفُ!
بـــوحُ الــهـوى تـحـكيهِ دارجــةُ الـلُّـغَى
ويــطـيـبُ فــيــهِ الــنَّـحـتُ والـتـصـحيفُ
وأنــا الـهـوى الـريـفيُّ حـيـث صـبـابتي
لــــغـــةٌ يــتــرجـمُـهـا إلـــيـــكِ الـــرِّيـــفُ
لا تَــخْـدَعَـنَّـكِ فِـــــيَّ قُـــــوَّةُ حـبـكـتـي
لـلـحـرفِ.. إِنِّــيَ فــي الـفـؤادِ ضـعـيفُ!
صُـدِّي جَـمَالَكِ عن هشاشةِ جوهري
وتـرفَّـقـي.. بــعـضُ الـجـمـالِ مُـخـيـفُ!
وإذا تَـوَحَـشَّـتِ الـقـصـيدةُ فــي دمــي
لا تــفـزعـي فــمِـنَ الــوحـوشِ ألــيـفُ!
وإذا مَــجَـنْـتُ عــلــى هــــواكِ، فــإنَّـمـا
قـــلــبُ الــمَـحَـبَّـةِ كـــــالأذانِ نــظـيـفُ!
يـنـحـازُ لـــي فِــقْـهُ الـجـنـونِ فــأَدَّعـي
أَنَّ الــمــجــونَ الــشــاعــريَّ عــفــيــفُ
*** ***
ويَــمَـسُّـنـي مـــــن ذكــريـاتِـكِ خــاطــرٌ
كـالـنَّايِ فـي عَـزْفِ الـشُّجونِ، خـفيفُ
فــلــقــد أَتَــيْــتُــكِ والـــزمــانُ خــمـيـلـةٌ
ولـــقـــد أتــيــتُــكِ والـــزمـــانُ خـــريــفُ
فـطـلعتِ لــي فــي الـحـالتَينِ حـديـقةً
تــخــتــالُ فــيــهــا خـــضـــرةٌ ورفـــيـــفُ
أطـــوي شــوارعَـكِ الـفـسيحةَ حَـالِـمًا
لــــو أنَّــنــي فــــي عَــرْضِـهِـنَّ رصــيـفُ
يــــأوي إلــــيَّ الـعـاشـقـونَ ومِــلْـؤُهُـمْ
وَجْـــــدٌ أَدَقُّ مـــــن الــخـيـالِ، رهــيــفُ
وأصـــيــخُ حـــيــن يُــحَــدِّثُـونَ فـأنـثـنـي
وعَــلَـيَّ مـــن شــجـر الــكـلامِ حـفـيفُ
ولـــقــد عَــرَفْــتُـكِ والـــزمــانُ ضــمــادةٌ
ولـــقـــد عَــرَفْــتُــكِ والـــزمــانُ نـــزيــفُ
فـطـلعتِ لــي فــي الـحـالتَينِ حـقيقةً
لـــم يَـــرْقَ فـــي مـعـراجِها، الـتـحريفُ
تَـتَـأَبَّـطـيـنَ عـــواصــفَ الــزمــنِ الــتــي
هَــدَرَتْ، ولــم يَـنْـحَلَّ عـنـكِ (نـصـيفُ)!
*** ***
(ولقد ذَكَرْتُكِ) حين رَأْسُكِ في المَدَى
شـمـسُ الـحضارةِ.. والـرؤوسُ كُـهُوفُ!
أرضٌ كَــــــــأَنَّ الأبـــجـــديَّــةَ وَجْـــهُــهــا
ومـــلامــحَ الـــرمــلِ الــنـبـيـلِ حُــــروفُ
مـن مـبتدَى (سـيهاتَ) حتى منتهَى-
(صـفوَى) يـطوفُ الوحيُ حيث نطوفُ!
وقُـــرَاكِ فـــي (تـــاروتَ) بــحـرُ قـصـائـدٍ
والـــقــافــيــاتُ (بــــنــــادرٌ) وجُــــــــروفُ
وثَـــرَاكِ فـــي (داريـــنَ) كُـتْـبُ حـضـارةٍ
حــيــث الـتـضـاريـسُ الــعِـتَـاقُ رُفُــــوفُ
مـــن هـــا هــنـا مَــرَّ الـسُّـراةُ وغــادروا
(بُــجْــرَ الـحـقـائبِ).. والــزمـانُ أَلُـــوفُ!
وهُـــنـــا اســتــقــرَّ الأولـــيــاءُ فــمَـعْـبَـدٌ
عَـــبِـــقٌ، ودَيْـــــرٌ بــالـبَـخـورِ شَـــغــوفُ
وهــنــا الــصـلاةُ بِــكُـلِّ مـــوجٍ هــامـسٍ
تــنـسـابُ نــشـوَى، والـمـيـاهُ صــفـوفُ
وهـــنــا (الـــلآلــئُ والــحـريـرُ) قــوافــلٌ
تـــتـــرَى، وحُـــجَّــاجُ الــعــطـورِ أُلـــــوفُ
وهــنــاكَ (قَـلْـعَـتُ)كِ الأمــيـرةُ تَـتَّـكـي
أحــجــارَهـا حـــيــث الــعـصـورُ وُقُــــوفُ
وتُـطِلُّ مـن أعـلى الزمانِ على المَدَى
حـيث الـشواطئُ فـي الـمكانِ عُـكُوفُ
فــإذا الـمـراكبُ فــي الـخـليجِ سـواعدٌ
طُــولَــى، وأشــرعـةُ الـرحـيـلِ كُــفُـوفُ
وإذا الــحـضـارةُ فـــي مـــدارِ عـصـورِهـا
عُـــــرسٌ يــغــنِّـي، والــظِّــلالُ دفــــوفُ
وإذا رِجَــالُــكِ يَــعـرُجـونَ مـــع الــصَّـدَى
صُــعُــدًا، ولـــو أنَّ الــمَّـدَى مَـسْـقُـوفُ!
مـن مـبتدَى (سـيهاتَ) حتى منتهَى-
(صــفــوى) جــبــاهٌ تـعـتـلـي، وأُنُـــوفُ!
هُـمْ أجـلسوكِ عـلى الـزمانِ (مـليكةً)
والــخُـلـدُ حــــول (بــلاطِ)هــا مــكـتـوفُ
يـــا سَــعْـدَ مَـــنْ نَــفَـرُوا إلــيـكِ بِـحَـجَّةٍ
مــــن شَــوقِـهِـمْ، مـيـقـاتُـها مَـلْـهُـوفُ!
وتَــنَـسَّـكُـوا بــيــن الـنـخـيـلِ بـمَـشْـعَـرٍ
لــلــمُـبـدِعِـيـنَ جَـــمَـــالُــهُ مــــوقــــوفُ
مـن مـبتدَى (سـيهاتَ) حتى منتهَى-
(صــفـوى) يَــمُـدُّ بِـسَـاطَهُ، الـمـعروفُ!
ويـــــداكِ تـــاريــخُ الــسـنـابـلِ، كــلَّــمـا
نَـفَـضَـتْـهُما الــرَّجــوَى تـطـيـحُ قُــطُـوفُ
لـــــم تُــتْـبِـعـي مُـسْـتَـرفِـدِيـكِ بــمِــنَّـةٍ
سِــيَّـانِ مَـــنْ وَفَّـــوا ومَــنْ لــم يُـوفُـوا!
*** ***
يـــا آيـــةَ الـبـحـرِ الـقـديـمةَ؛ لـــم يَــنَـلْ
مـنـهـا عــلـى مَـــرِّ الـلـغـاتِ، كــسـوفُ
فـــي داخــلـي شــوقٌ يُـجَـدِّدُ نَـفـسَهُ
بِـــــــكِ رَاوَدَتْــــــهُ خـــواطـــرٌ وطـــيـــوفُ
أنـا لـم أَصِـفْكِ فـحيثُ أَوْشَـكَتِ النُّهَى
والــوصــفُ كــــادَ.. تَــجَـرَّدَ الـمـوصـوفُ!
لـــكِ مـــن هـــوايَ هِـلَالُـهُ فــي بَـدئِـهِ
وعــلــيــكِ بَــــــدرُ خِــتَــامِـهِ مَــعــطُـوفُ
إنْ تـسـألـيني: مَـــنْ أكــونُ؟! فـغَـيْمَةٌ
عَــبْــرَ الــفـضـاءِ، مـصـيـرُهـا مــخـطـوفُ
وأنــــا الـمـتـاهةُ حــيـن تـجـهـلُ ذاتَــهـا
ويــضــيـعُ مــنــهـا وجــهُــهـا الــمــألـوفُ
وأنــــا الإشــــارةُ لا سـبـيـلَ لـكَـشْـفِها
حـــيــن الــوجــودُ حــقـائـقٌ وكُــشُــوفُ
وأنـــــا بــبـسـتـانِ الــتَّـصَـوُّفِ عــاشــقٌ
رَيَّـــانُ.. مــن غُـصـنِ الـهـوَى مـقـطوفُ
وأنـــــا -إذا جَـــــسَّ الـــهــواءُ جــديـلـةً-
أَحْــسَـسْـتُ أَنِّـــيَ لـحـنُـها الـمـعـزوفُ
وأنــــا بــريــدُكِ يـــا (قـطـيـفُ) فـقَـبِّـلي
وجــــهَ الــبـريـدِ، فــمِـلْـؤُهُ (الــهُـفُّـوفُ)!