الدوخلة

في أقصى سواحل الخليج العربي، في مدينة سنابس بجزيرة تاروت بمحافظة القطيف، ثاني أكبر جزيرة بِعد البحرين في الخليج العربي، كانت طفولتي وكانت الدوخلة، التي كنا ننتظر بلهفة متى يأتي العيد لنخرج بدواخلنا للبحر.

في مثل هذا اليوم، يوم عيد الأضحى المبارك، كان للدوخلة شأن عظيم في الموروث الشعبي، حيث تشتري العائلات قفة صغيرة صنعت من سعف النخيل، والبعض يصنعها بنفسه، ويتم توزيعها للأطفال في البيت، ونادراً ما يكون طفل لا يحصل على تلك القفة، ويبدأ الأطفال بزراعة الشعير أو الذرة أو بعض الحبوب بعد وضع السماد والطين، ويتم ذلك قبل العيد بأسبوعين أو أكثر أو أقل قليلاً، حتى تكبر النبتة ليوم العيد، ويتباهى الأطفال بدواخلهم يوم العيد.

وفي صباح يوم العيد يلبس الأطفال أجمل اللباس ويذهبون جميعهم مع أمهاتهم إلى الشاطئ، حيث يمتد البحر بطول مدينة سنابس من جنوبها حتى شمالها، ويبدأ الأطفال بالغناء.

دوخلتي حجي بي حجي بي
لامن يجي حبيبي حبيبي

حبيبي راح مكة مكة
أُو مكة المعمورة المعمورة
فيها السلاسل والذهب والنوره والنوره

حتى آخر الأهزوجة.

ويقدم الأطفال تلك الدوخلة قرابين للبحر ليعود الحجاج لبيوتهم سالمين غانمين، وتقام تلك الطقوس الشعبية في معظم دول الخليج العربي، ومعظم المدن المجاورة للسواحل، بمسميات مختلفة، البعض يسميها حية بية، والبعض الدوخلة، وحسب ما عرفت من بعض الأصدقاء أن بعض القرى الزراعية البعيدة عن البحر كانوا يرمون الدواخل في العيون الارتوازية، وتقدم بنفس الطريقة والهدف، قرابين ليعودوا الحجاج إلى أهاليهم سالمين غانمين.



error: المحتوي محمي