من البحاري..محمد مغيص.. الأخشاب حياتهُ.. ويدوياته بدأت بالدوخلة وانتهت في الكويت

وجدَ في مهرجان الدوخلة الذي كانَ يُقام في عيد الأضحى المبارك في بلدة سنابس منذ بداية تأسيسهِ في عام 1426هـ ترسيخًا لعشق الماضي، وذكريات الطيبين التي سكنت في قلبهِ وروحهِ، فشاركَ محمد مهدي مغيص فيه بمشروعهِ الخاص بكلّ حُبّ طيلة استمراريته؛ ليعرضَ للزوّار أعمالهُ الخشبية المحلّية التراثية المُبهِرة التي تميّز بها تراثُنا القديم الأصيل، والتي أتقنتنها يداهُ الحرفيّتان حتى أصبح الخشب حياته المهنية، وأصبحت الصناديق والكراسي والدواليب صحبة وقت الفراغ في كلّ أيامه.

عملٌ وهواية
بدأ “مغيص” المُنحدر من قرية البحاري بمنطقة القطيف، علاقتهُ بالأخشاب قبل 23 عامًا، حيث عمل موظفًا في شركة نجارة على طريق بقيق، وزاول حرفة النجارة في أوقات فراغه، وقد دفعهُ لذلك تعلّقه بهذه الحرفة، ورغبته في زيادةِ دخل أسرته وأبنائه الثلاثة.

داعمان
وعن دخولهِ لهذا العالم المُبدع، تحدّث “مغيص” لـ«القطيف اليوم» قائلًا: “في بداية دخولي لهذا العالم لم أجدْ مكانًا خاصًا بي لمزاولة مهنتي، لكنّني وجدتُ مكانهُ في دعم صديقيّ وأخويّ جاسم آل جعفر، وعلي عبد الكريم آل زيد اللذيْن دفعاني للاستمرار بكل أخوّة رغم الصعوبات التي لاقيتها والتحدّيات التي واجهتني، خاصةً لعدم توفّر مكان عملٍ خاص أنمّي فيه موهبتي وأرعاها، حتى أنتجتُ القطعة تلو الأخرى، وأصبحتُ أشارك في أغلب المهرجانات التي تقيمها المنطقة”.

أول قطعة
أنتجَ “مغيص” قطعتهُ الأولى الخشبية والتي كانت عبارة عن كرسي خشبي صغير كان الخطوة الأولى في مشوار حرفتهِ، ومع الوقت بدأت التراثيات تترى في أعمالهِ بسبب تعلّقه بالماضي وكل ما يتعلق به، فصنعَ الصناديق والسفن التي تمثّل له رمزيات الطيبين، فتطوّر مشروعُه عن بدايته بما اكتسبه من خبرات وتجارب، وابتكر بذاتهِ ما أنطق الأخشاب وحوّلها إلى ألعابٍ خاصة بالأطفال من سيارات وباصات خشبية.

أنواع مختلفة
يستخدمُ “مغيص” في عملهِ الأنواعَ المختلفة من الأخشاب التي تتطلّبها كل قطعة في ورشتهِ، من خشب الزان والماهجوني والآراك من الأشجار الطبيعية لكتابة الآيات ونحتها، وكذلك جذوع الأشجار من الكافور والكنار وغيرها.

انطباعات
تتركُ أعمال “مغيص” أثرها المُستحسن بالإعجاب والإشادة عندَ من يراها ويتأمل دقتها، فالأعمال اليدوية الخشبية تُصنع بحبٍ وجُهد وقوة وتأنٍ وبصورة مختلفة وروحٍ مختلفة عن كل الأعمال الأخرى، بل هي أفضل من المصانع كما يراها، وهذا ما يجعلها مُبهرة في عين رائيها، وهي تتطلب منه أجواءً خاصة يحوطُها التفكير والإصرار والدقة؛ لإنتاج القطعة المطلوبة كما يتخيّلها الزبون، بل وما يفوق تخيّله.

عُزوف
تلقى الكثير من الانطباعات الجيّدة من الناس لقطعهِ ويدوياته المختلفة، ويكثُرُ طلب زبائنه للطاولات والكراسي الشعبية مقارنةً بأعمالهِ اليدوية الأخرى، لكنّه يشتكي الآن من قلةِ الإقبال في وقتنا الحاضر وعزوفهم عن هذه الأعمال اليدوية المحلية؛ لارتفاع سعر الخشب.

ألبوم إلكتروني
لا يحتفظ “مغيص” بألبوم صور خاصة لأعماله، ويكتفي بالاحتفاظ بها إلكترونيًا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به، وورشته مليئة بالسيارات القديمة الخشبية التي يهوى صنعَها أكثر من القطع الأخرى، إضافة لتحف الحافلات والصناديق المختلفة.

مهرجان
شاركَ بأعماله الخشبية في المهرجانات المحلّية التي ابتدأها بمهرجان الدوخلة، واستمرَّ فيها طيلة مواسمه، كما شاركَ في أغلب مهرجانات القطيف، وكانت له مشاركات مختلفة، كان منها أحد مهرجانات دولة الكويت الشقيقة، ومهرجان الجنادرية في الرياض.

متحف
تقودُ الطموحاتُ “مغيص” أن يمنّ الله عليه ويستقلّ في منزلهِ الخاص، وأن يخصّص فيه جانبًا خاصًا يكون ورشتهُ الصغيرة لحرفياته وخشبياته المتعددة، ويعمل لهُ كذلك متحفًا تراثيًا يحتفظ فيه بقطعهِ الخاصة؛ ويحفظ من خلالها تراث الآباء والأجداد، وأثاث الماضي الأصيل.




error: المحتوي محمي