بعد أيَّامٍ قليلة يوافينا عيدُ الحجّ، جعله الله من أبرك وأسعد وأسلم الأعياد. وفي العادة يترافق العيدُ مع إجازةٍ قصيرة تزدحم خلالها الشَّوارع بالسيَّارات، فتتهيأ الفرص مع التَّعب وقلَّة الحذر لحصول حوادث مروريَّة، بعضها – لا سمح الله – يميت أو يخلِّف عاهاتٍ جسديَّة مستدامة.
أفضل نصيحة يمكن أن أقدمها – لنفسي – ولمن حولي هي: لا تكن أحد الأرقام في إحصائيَّات الحوادث؛ العيد والإجازة تعني فترةً من البهجةِ والرَّاحة ولا تعني أن نزجَّ بأرواحنا وأرواحَ غيرنا في الخطرِ والمهالك. فكما يتسابق النَّاس في تصفيرِ حالات الجائحة، فنعمَّا هو لو تسابقنا أيضًا في تصفير الحوادث التي تنغِّص وتكدِّر صفوَ فرحةِ العيد، وغيره من الأيَّامِ والشّهور.
ترجع الدراسات التي تعنى بالحوادث في الولايات المتحدة الأمريكيَّة أسبابَ كثرة الحوادث في الإجازات إلى زيادة نشاط الحركة المروريَّة على الشَّوارع، وتعب السَّائق وقلَّة التركيز في القيادة وزيارة أماكن لا يعرف سائق السيَّارة طرقاتها وشوارعها، وعدم صيانة المركبة، ولأسبابٍ أخرى لا توجد عندنا، مثل تعاطي الكحول والمخدِّرات. ولعلَّ أكبر مسبب لحوادث الطرق الفظيعة من حولنا هو التهور وقطع الضوء الأحمر واستخدام الهواتف المحمولة التي تعرِّض السائقين أكثر من غيرهم للحوادث، بواقع أربعة أضعاف، ومخالفة أنظمة القيادة الوقائية الَّتي في مضمونها تعني أنه على السَّائق تفادي الحوادث على تنوّع أسبابها وكثرتها.
مع أن السَّيطرة المطلقة هي لله سبحانه، إلا أن الآجال نوعان: أجلٌ محتوم، وهو العمر الطبيعيّ وأجلٌ مخروم وهو العمر الذي يقف بالإنسان عند حدود مثل هذه الحوادث، فينخرم وينقطع بعد أن كان قابلًا للامتداد في ذاته. مثله مثل الآلات التي نعتني بها فتطول مدة صلاحيَّتها وجودتها إلى حيث يكون في طبيعتها، وتلك الَّتي نسيء استخدامها فتتوقف عن العملِ قبل أوان توقفها، وكل ذلك باختيارنا ورغبتنا واستطاعتنا!