لا يخفى على الجميع أننا نحن المرضى فخورين كل الفخر بكن بعد أن حللتن محل الممرضات الأجنبيات اللاتي قدمنا للبلاد من أجل جمع المال ولا يعنين بالمرضى العناية المطلوبة، وخصوصاً لكبار السن حينما تغيب المراقبة وبعضهن يخلصن فقط لمن يعطيهن البخشيش من قبل المريض أو مرافقيه، وهذا يختلف تماماً مع الممرضات من بنات بلدنا.
فقد وجدناهن يتفانين في خدمة المرضى صغاراً وكباراً بل يهتممن بكبار السن وكأنهن يخدمن والديهن بدون ملل أو كلل أو أي استنكاف منهم أثناء تنظيفهم والتبديل لهم بل يعاملنهم بكل لطف، وهذه هي تعاليم ديننا الحنيف ولم يخطئ أبداً من أعطاهن وسام “ملائكة الرحمة”، وإذا كانت هناك عبارة أعظم منها فهن جديرات بأن يقلدن بها.
فهنيئاً لهن هذا الأجر والثواب العظيم الذي سوف يجازيهن عليه خالق العباد على خدمتهن عباده الضعفاء الذين ابتلاهم بالمرض لحكمة لا يعرفها إلا خالقهم.
وقد تواترت الروايات في الحث على خدمة المؤمنين كما جاء في الرواية عن أبي قتادة القمي، عن أبي عبد الله (ع)، قال: “إن لله عز وجل وجوهاً، خلقهم من خلقه وأرضه لقضاء حوائج إخوانهم يرون الحمد مجداً، والله عز وجل يحب مكارم الأخلاق”، وورد أيضاً “من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له ألف حاجة في الدنيا وألف حاجة في الآخرة”.
وربما يقول قائل إنهن موظفات يتقاضين رواتب في نهاية كل شهر، فأين هو الفضل؟ فنقول له: قل الحمد لله على الصحة ولم تدخل المستشفى لتقف على ما يقدمن من خدمات ليست واجبة عليهن، وكان بإمكانهن أن يعملن كما تعمل الممرضات الأجنبيات، ينفذن ما يطلب منهن ولن يتهمن أي أحد بالتقصير وسوف يتقاضين الراتب نفسه دون تغيير.
بل يتوجب علينا جميعاً أن نقدم لهن الشكر والتحية، ومن لا يشكر المخلوق لا يشكر الخالق، بل وندعو لهن ونحترمهن، كما يجب علينا أن نعذرهن حين يبدر منهن أي تقصير بسبب انشغالهن مع مرضى آخرين، وربما نحن نراه تقصيراً من ضيق أفقنا أو عدم معرفتنا بطروفهن، فلنلتمس لهن العذر والله خير العاذرين.
ولكن هناك ملاحظة أريد تقديمها إلى أخواتي “ملائكة الرحمة”؛ قد لاحظت على البعض منكن بعد انخراطهن بالعمل في هذا المجال المختلط بين النساء والرجال ومع الوقت قد تأخذهن زمالة العمل إلى الابتعاد عن التعاليم الإسلامية من مزاح وضحك أو مفاكهة مع الرجال، وهذا قد يفسد عليهن أجر وثواب ما يقدمن من عمل صالح في هذا المجال، فيكن ممن خلطوا عملاً صالحاً بآخر باطل.
فقد ورد في الرواية عن النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال: “… ومن فاكه امرأةً لا يملكها، حبس بكلّ كلمة كلّمها في الدنيا ألف عام في النار…” (الصدوق، ثواب الأعمال: 283).
وكذلك يجب عليكن المحافظة على الحشمة بعدم إبراز شيء من شعر الرأس أو الساعد من اليدين، وإذا كان ذلك يحدث مع العمل بدون إرادة فيمكن أن تستخدمي القفازات الطويلة حتى وإن اشتريتيها على حسابك إذا لم تتوفر في المستشفى.
وإذا شذت إحداكن عن المجموعة فصارت غير مبالية فانصحنها بالطريقة والأسلوب الذي تتقبله، فإن أبت فتعاملن معها معاملة زميلة العمل فقط لترى منكن عدم تقبلها، فتضطر إلى التجاوب معكن والالتزام بالتعليمات الشرعية التي تمنحكن رضا الله واحترام الناس.
ولا تقلن نحن مسؤولات عن أنفسنا فقط لأن هذا أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وهو فرض واجب عليكن كوجوب الصلاة وتركها محرم.
أسأل الله لكن التوفيق وكثر الله من أمثالكن، وكما جعلكن ملائكة الرحمة في الدنيا يجعلكن ملائكة في الآخرة مع فاطمة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.