يا أهالينا، ويا عزوتنا وأرحامنا، متى ننتبه ونحذر؟ ومتى نأخذ الأمور بجدية؟ يكفينا ما نحن فيه من ابتلاء! يكفينا ما يفجعنا كل يوم بل كل ساعة من أخبار المصابين والموتى! حتى يأتي بعضنا ويغرقنا بالهم والغم والحزن بفقدان البراءة بين لحظة وأخرى!
ننام على فاجعة ونصحو على أخرى. كل ذلك ونحن لا نرعوي، ونمعن في الأخطاء والعناد وكأن البعض يرون أنفسهم بعيدين عن الفواجع والمصائب ونصر على التجمعات العائلية والعامة وإقامة الاحتفالات وطقوس العزاء والتنزه في جماعات ودون اكثراث، والعاقبة في أغلب الأحيان هي الإصابة بالداء والشواهد بلا حصر، والمشكلة أنه لايزال لدى هذا البعض قناعة فجة بأن هذا المرض بفعل فاعل والإصرار أكثر على عدم أخذ اللقاح، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
نعود ونتساءل ما ذنب هؤلاء الأطفال حتى تقصف أعمارهم بسبب الإهمال والغفلة؟ كيف يترك طفل لم يتجاوز العامين يلهو بمفرده أيًا كان هذا المكان -والكلام هنا عام- أين حبل العاطفة المربوط بينه وبين أمه، وأين عيني والده منه؟
نحن نشاطر هذه العوائل العزيزة في مصائبهم فهم أهلنا، ولكن هؤلاء الأطفال أطفالنا أيضًا، ولا ثقة في طفل بهذا العمر مهما كان حرصه وتخوفه بأنه لن ينزلق للخطر ويخطفه الموت بلحظة كما مر بنا، فمرة بالغرق ومرة بنهش الكلاب الضالة له أعزكم الله، وغير ذلك من الحوادث المؤسفة والناتجة عن الإهمال.
يكفينا.. يكفينا وحقكم ما نمر به، والعالم كله يضج رعبًا وخوفًا وهو في حيرة من أمر هذا الداء ثم نزيد الطين بلة بهذه الفواجع التي لا يتحملها القلب. نسأل الله الخلاص من هذا الابتلاء والهداية لنا وللجميع، وأن نحرص على فلذات أكبادنا، وبالذات هؤلاء الصغار الذين لا يفقهون شيئًا سوى ما نراه في عيونهم من إقبالهم على الحياة والبسمة على شفاههم، وإذا بالموت يخطفهم فجأة من أمامنا، والسبب غفلة أم أو انشغال أب.
خالص تعازينا لكل من فقدوا بعضًا من أحبتهم هذه الأيام وربط الله على قلوب الجميع بالصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.