بدون عنوان

سؤال وضعته بالبداية كعنوان ولكن لم ألبث إلا ومحوته لاستشعاري قلة الأدب التي مسستها بقراءته.

قد نستطيع سؤاله وطرحه في نطاق تعاملنا مع البشر امثالنا ونقول لماذا نشكر فلان وهو يحرمنا؟ لماذا نقدم باقات الشكر له وهو لا يزال يحرمنا نظره.

لكن مثل هذه الأسئلة والتساؤلات لا يليق أبداً طرح مثلها وتوجيهها للذات الإلهية وجلالها.

تعالى الله عن ظلم عباده وحرمانهم عبثًا، فكل شيء لديه فيه حكمة بالتأخير أو التقديم يكون نتاجها صلاح بني الإنسان ونحن الجهلاء قد لا نستطيع إدراكها سريعًا، وليس هناك ما أستطيع به وصف حنانه ولطفه ورأفته بعباده الذين هم عياله الذين ينظر لهم نظرة رحمة مهما تجاوزوا في عصيانه.

قد ييأس الناس من خيرهم ويطردونهم لسابق عصيانهم، لكن الله لا يزال ينتظر منهم لحظة أوبة يعودون فيها إليه ليفتح لهم كل باب أوصده البشر في وجههم ويناديهم وقد حملوا وسام التائبين وتلوح بأعينهم على كل باب يطرقونه جملة حنانه {ادخلوها آمنين}.

قد يظن الإنسان أن الله يحرمه من رزقه وهو بذلك يسيء الظن بربه لأن الحرمان أحيان ببعض الأمور هو عطاء بذاته.

الحرمان الذي يجعلك أقرب له هو رزق ما بعده رزق.

والرزق الذي يجعلك بعيدًا عن ساحة الحديث والخلوة معه هو أقسى حرمان.

وهنيئًا لمن قابل الرزق بالشكر ولم يبتعد عن ساحة الكرم الإلهي.

أتعلمون ما هي أعظم مشاكلنا؟

يقولون من راقب الناس مات همًا، وهذا ما يجعل البعض يجد الحرمان همًا كبيرًا يستحق لأجله الموت لأنه ينظر لغيره ولأقرانه ويقارن نفسه بهم وكأنه من البؤساء المغضوب عليهم بحرمان شيء من معاني رزقه.

نحن نراقب الناس بنعمهم ولكن لا نراقب نعم الله في أنفسنا والتي يعجز مقالي عن تعدادها.

ولكن لنذكر شيئًا منها لعلها تساعدنا لحسن الظن بنعم ربنا ونحاول شكرها ما استطعنا.

نحن نقرأ ونكتب وغيرنا ينام وبعينه تراق دمعه مغبونة لأنه لا يستطيع قراءة كتاب الله وكلامه لأنه أمي لم يتعلم القراءة.

نحن نسكن في مكان يأوينا وهناك من لا مأوى له يستظل به من حرارة الشمس الحارقة ولا البرد القارص.

نحن نستطيع أداء الصلاة من قيام لسلامة أجسامنا وصحتها، وهناك من يتمنى لو يستطيع أن يقوم لله إجلالًا ليؤدي فرضه ويصلي صلاة شكره.

نحن نستطيع سماع صوت القرآن والدعاء والنعي المشجي والأهازيج المفرحة بذكر الآل الكرام والتفاعل معها بمشاعرنا، وهناك من تقوم عينه بترجمة كل تلك الأصوات غير المسموعة سعيًا للتفاعل وجلب مشاعر الخشوع والحزن والسرور وغيرها.

قلت لكم لا أستطيع تعدادها جميعها لأنه {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.

وإن كنا نفتقر لمعرفة نعم الله ونتغافل حتى عن نعمة رؤية الشمس وسماع الأذان فلنقرأ دعاء الجوشن الصغير أو لنسمعه، فبه من النعم التي أراهن على أن قارئه وسامعه بعناية سيحتقر أي ظن سيئ لله في كمية عطائه وحنانه على عباده، وسيتأكد أنه لا يزال يتنعم بالكثير من النعم التي حُرم منها أناس آخرون.



error: المحتوي محمي