بيّن الشيخ محمد آل عمير أن سلوك الأم والأب هو خط الضمان للطفل والشاب والكبير، فالسلوك هو ما يغري الإنسان للطرف الآخر، ولا بد أن يكون سلوكهما متوازنًا لأنه سيخضع للمقارنة مع الكلام الذي يصدر منهما في وصف الأمور من حيث الحرام أو الحلال والصح والخطأ.
وأكد “آل عمير” الحاجة لامتلاك الأبوين ثلاث مهارات وهي الحوار والإصغاء والصداقة مع الأبناء، مشيرًا إلى أنه كلما أصغينا أكثر كلما فهمنا أكثر، وأنه ليس هناك محرم في السؤال، فليس هناك فكرة مغلفة ومحجوبة عن السؤال، ويجب إتاحة الفرصة للأبناء للسؤال دون قمع، وإذا عجز الوالدان عن الإجابة أو الإقناع عليهما اللجوء لأهل الاختصاص.
ونبه لأهمية ضبط الانفعالات للآباء والأمهات لأن الانفعال والتوتر يؤثران على السلوك وعلى خط النقاش، فكثير من النقاشات الأسرية تبدأ بهدوء وتنتهي بتوتر.
جاء ذلك في محاضرة “النزعة الدينية عند أبنائنا” التي قدمها “آل عمير” ضمن دورة التربية التي تنظمها لجنة “وزدناهم هدى” عبر “زووم”، بحضور أكثر من 170 سيدة.
وبدأ “آل عمير” المحاضرة بما يروى عن النبي (ص): “الولد سبع أمير وسبع أسير وسبع وزير ثم تشاوره ويشاورك”، وأتبعه برواية عن الإمام الصادق (ع): “دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين”، لافتًا إلى أن هذه الثلاثية ومعادلة السبعة في السبعة تختصر لنا طبيعة المسؤوليات التي نُلقيها على أبنائنا في كل مرحلة.
وذكر أن الأطفال في السبع سنوات الأولى يكونون كالعجينة اللينة والصفحة البيضاء، حيث يستطيع الوالدان غرس الأفكار والمشاعر بهم عبر اللعب الذي يعد من نماذج التأثير على الطفل.
وأوضح “آل عمير” أن مسألة التربية تحتاج إلى تأهيل، فهي لا تأتي بعفوية لأن التعامل معها بعفوية لا يضمن نجاحها، منوهًا إلى مبدأ التربية الوالدية الذي يعني أن الأب والأم يؤثران بنسبة 80 -90% على مشاعر الأطفال وعلى أفكارهم من خلال السلوك والهيمنة الروحية بالمنزل، فمن يعيش ببيئة متدينة يُتوقع أن يخرج متدينًا.
وأشاد بمن يهتم بإلحاق أبنائه بدورات التكليف أو تنمية المهارات أو اللغات، ولكنه أكد أن هناك ما هو أهم من كل ذلك وهي دورة البيت، فلا بد أن تكون ناجحة، وشهادة التخرج من البيت لا بد أن تكون ناجحة، أما إذا خرجت الفتاة وهي غاضبة وتتمنى أن تخرج من البيت حتى ترتاح من المشاكل، فإن هذه هي المشكلة الكبرى.
وقال إن مرحلة الطفولة الأولى تحتاج إلى التربية الوالدية للسلوك وتلقين الأفكار، فيما تحتاج فترة المراهقة وما بعدها لهجر التلقين واستبداله بأسلوب الإقناع بالحوار، مشددًا على خطورة القمع في هذا الزمن المفتوح.
وأضاف أن النجاح في زرع القيم في السنوات الأولى بالسلوك والتلقين، ثم النجاح في السلوك والحوار بمرحلة المراهقة، يمثل جهاز التحكم وجهاز المناعة ضد الأفكار التي لا تنتمي للدين والقيم والأخلاق، وهي التي تمنع الأبناء من سلوك طريق المعاصي لأن الوالدين زرعا داخلهم جهازًا مناعيًا يحميهم.
وخُتمت المحاضرة بالإجابة عن العديد من الأسئلة التي تعرضت لكيفية التلقين والحوار ومسألة التقليد وتعلم قاعدة أمير المؤمنين (ع): “اعرف الحق تعرف أهله” وغيرها.