
بسْمِ اللهِ الرّحْمٰنِ الرّحِيمِ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ رحيل صديقي العزيز خادم أهل البيت عليهم السلام الشاب المؤمن الخلوق علي عبدالغني السبيتي، بعد معاناة دامت شهرًا من المرض. الصديق الذي لم تجمعني به الأيام لسنوات طويلة، لكن عرفتني بجوهره النادر إذ جمعتني معه الخدمة الجليلة.
هذا العزيز الذي شاركني القسم الأهم في حياتي وهو خدمة سيد الشهداء عليه السلام، وجدت فيه الإخلاص والتفاني والأمانة قي تأدية فروض الخدمة بجميع ألوانها وأشكالها، فتارة تجده منسقًا ومعِدًا لبرامج الإحياء، وأخرى تجده باكيًا ومشاركًا في المحافل، وهناك تجده يعمل بكل جهد وأمانة -وبصمت- في إخراج ومونتاج ونشر وتوزيع برامج الإحياء دون كلل أو ملل.
المرحوم استطاع في فترة وجيزة أن يرفع من مستوى الخدمة في مأتمهم المبارك (مأتم الصديقة فاطمة بالناصرة) باستعداده وتنظيمه الراقي لإحياء كل المناسبات الدينية؛ وفيات، ومواليد وأفراح، وليالي القدر، وأعمال رجب، وبعض ليالي الجمعة، وأعمال أيام العيد.. إلخ، وما إلى ذلك من مناسبات تُحيي روح الموالي وتنعشها. ولم يقتصر على الإحياء فقط، بل كان يهتم بكل تفاصيل الجودة من استقطاب الخطيب والرادود والأجهزة الصوتية والمرئية وتهيئة المكان والزمان المناسبين. ولهذا كان فقده أشبه بالشرخ الذي ليس من السهل سده والجرح الذي ليس من السهل اندماله.
شخصيًا تعلمت منه الكثير في التفاني وتقديم ما أمكن من الخدمات مهما كانت مختلفة، ولطالما وددت لو يقتدي به الكثير من قيّومي المجالس والسير على همته وتفانيه، وأسلوب تفكيره ونظرته للأمور بعين إيجابية ويد عاملة، وإني لأجزم أنه لو استمر هذا العطاء لعذة سنوات مستقبلًا لكان نتاجه كبيرًا جدًا.
مما يميزه خلُقه النبيل، وصدره الرحب، ولسانه العذب، وروحه الشفافة المرهفة التي تجذب كل من يقابله، ومن لم يقابله، ولهذا في فترة وجيزة تكوين علاقات متينة مع العشرات من خدام الإمام الحسين ع من خطباء ورواديد وقراء وشعراء وإعلاميين ومنظمين وأصحاب مجال وخبرة، وقد استضاف الكثير من الرواديد والخطباء أصحاب الأسماء الكبيرة والأسماء الصغيرة، ولم يجعل مأتم سيد الشهداء عليه السلام مخصصًا لمجموعة دون مجموعة أو لنخبة دون أخرى. أحَبَّ الكل فأحبه الكل، ولهذا نرى التعازي تترى من كل حدب وصوب، من داخل البلاد وخارجها، من القريب والبعيد، والجميع مُجمِع على فاجعة رحيله.
أخلص لوجه الله والحسين ووفد عليهم ضيفًا يوم الجمعة ٣٠ شوال ١٤٤٢هـ مخلّفًا في قلوب محبيه جرحًا لا يندمل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أفجعتني برحيلك يا صديقي، نم قرير العين بجوار من تستأنس بهم روحك وقلبك، (أودعتك الله يا عيوني).
بسم الله الرحمن الرحيم {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.