اليوم قد أُدْمِيَ قلبي

بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾.. [آل عمران 185].

ما أن بدأتُ أستجمعُ قِوايَ لكي أبدأ أن أحيا من جديد، لأجلِ من أُحِب (أبنائي وأبناءه) حتى توقفَ بي المسير تارةً أخرى، ليوجّه لي الزمن صَعْقَةً مساوية لها في القوة أنفضتني حدَّ المغيب.

أفجعني دهري بصديقي وأخي (أبو جاسم آل رجب) قبل أيام، واليوم عاود ليرمي سهامه الحادة عليَّ، ليتمم لي ما بدأه للتو، ليأخذ مني بدمٍ بارد من كان بيننا مُزهراً منيراً؛ أخينا وابننا (علي عبد الغني السبيتي).

لقد كنا معاً يداً بيد، وكتفاً بكتف، نخطو معاً لنيل فيوضات الآل الكرام، فمجالسهم هي التي كانت حلقة الوصل بيننا في أغلب الأحيان، وهي من جمعتنا أوائل اللقاء.

لقد كنا كالغصن الأخضر، فروعنا ممتدة هنا وهناك، نُغَذِي بعضنا مما نستقيه من خيرات تلك المجالس الكريمة.

اجتمعنا هناك، حيثُ كان هو قيومًا على حسينية (الصدِّيقة عليها السلام) بمنطقة الناصرة، وأنا على مجلس وحسينية والدي (الحاج علي العازمي) بقريتي القديح، فتقاسمنا بيننا الفيوضات ووزعنا علينا البركات، فكان أكثر الأيام والمناسبات ينافسني على نيل الثواب واكتساب المآثر، والفوز بضيافة رجالات العلم والخطباء، ومن بينهم الملا إلياس المرزوق والشيخ جاسم الحداد وأيضاً الشيخ جاسم الدمستاني، وآخرها إصراره على استضافة السيد موسى البلادي، وغيرهم وغيرهم ممن هم الآن مثلي! مثكولٌ على أمرهم، بل هم في حالٍ أردى مني وأمرّْ.

عليٌ هو إنسانٌ كبير، كبيرٌ بشخصهِ وكرمه، كبيرٌ بقلبهِ قبل مجلسه، أخذ من منابع والده السخية ما أخذ، ليصبح قديراً معطاء ليناً وقوياً. جمع الصغير قبل الكبير، رافق كبير السن قبل الشاب، وكان لذلك وذاك خير أنيس وجليس.

ماذا أقول يا أخواي، فبعدكما اندثرت في صدري تراحيب اللقاء، ووجهيكما الصامتان اليوم علقتهما في قلبي، لتُحدِثاني كلما ناديتُ قائلا:
أين أنتما يا من زرعتما طريقي ورداً ورياحين؟
فأنا الآن بعد أن كنتُ لا أخلو منكما ولا من قلبيكما يوماً
وحيداً أُشاطِر الآلام وأصارع دهراً سيمرّ عليَّ أجوف

رحم الله ولدي وأخي (علي السبيتي) وجمعهُ مع من سبقهُ بمعدودات للجنة والرضوان (محمد آل رجب).



error: المحتوي محمي