دعونا نوقف سكنا لأحفادنا وأسباطنا

من الجميل أن يتوجه الآباء إلى منح أبنائهم وبناتهم بعض عطاياهم التي تخفف عنهم عناء الحياة ومصاعبها في حياتهم، سواء بمساعدات مالية أو عينية أو أراض للبناء أو شقق أو سكن حسب قدراتهم.

والمبادرة إلى العطاء تسير على مستوى مطرد مع الثقة الممدودة بين الآباء والأبناء ومستوى الرابطة التواصلية بينهم، وغالباً لا يجد الأبناء أي مساعدات إلا النزر اليسير منها في حياة أبويهما، خصوصاً مع جفاف العلاقة بينهم وبحث الأبوين عن أمام مستقبلي مع بعدهم عنهما.

ومن الجميل أن يسعى الآباء المتمكنون مالياً من إغداق حياة أفضل على أبنائهم، وهو أمر يدعو إلى السعادة والراحة مع أهمية مراعاة العدل بين الأبناء ما أمكنهم ذلك، فلا يكون مثل هذا حرماناً لآخرين من إرثهم (كاملاً أو أغلبه) دون التفكير بجد في التصرف بنسبة معقولة ولإبعاد الأبناء عن أسباب الخلاف لاحقاً.

كما يسعى آخرون إلى المشاركة في الجمعيات الخيرية كالصدقات الجارية، وهو أمر حسن أيضاً للموفور مالياً وغاية في عمل الخيرات.

لكنما هناك صورة تكاد تغيب عن تسهيلات مستقبلية من الأبوين لأجيال ما بعد الأبناء، وهي إيجاد سكن وقف لأحفادهم وأسباطهم إن كان الأبناء في وضع مالي جيد، فإن مثل هذا سيحقق راحة مالية ونفسية لأحفاد قد يكون أبواهما في مستوى اقتصادي “متواضع”، مما سيوفر مثل ذلك الوقف السكني صنع مستويات كبيرة من الراحة لهم وتوفير أموالهم لبناء سكن مناسب خلال فترة زمنية مريحة.

هذه الثقافة كانت رائجة في الزمن الماضي مما خفف عناء مجموعة من أفراد الأسر الميسورة لفترة معقولة، ولو نظرنا بشكل تحليلي لأسرة تحتوي على عدد أفراد كبير، حيث يتحول الإرث بعد تقسيمه إلى كمية مالية قليلة لا يحتاجها الموفور ولا تكفي لانعاش الميسور وبذلك تتبعثر دون عائد عملي مفيد.

وقد يكون سبب جعل أسر قديمة تعمل على وقف الذرية لأجل أن يحفظ للكيان الأسري الممتد مستوى جيداً من الحياة العزيزة.

هذه الفكرة جديرة بإعادة بلورتها والتفكير جداً في تحقيقها لأسر ستواجه صراعاً اقتصادياً محموماً يتوجب علينا العمل بمزيد من الاقتصاد والتوقف عن الإسراف والتبذير والعمل على توفير سبل حياة ميسورة لأحفاد وأسباط قادمين، وقد يكون تقديم بعض المساندات غير المالية كتخفيف قيمة الإيجار لأحفاده وأسباطه وبناته، كمن يملك عقارا للإيجار فيجعل لأحفاده وأسباطه وبعض أرحامه الضعفاء قيمة إيجار رمزية، فهو أقرب لتحقيق أجلى معاني صلة الرحم فإنها تطيل في العمر وتوسع في الرزق.

عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: “إن عيال الرجل أسراؤه، فمن أنعم الله عليه بنعمة فليوسع على أسرائه”، وفي رواية أخرى: “ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته…” (الوسائل).

وأخيراً، فمن الجميل أيضاً أن يشترك الإخوة والأخوات لبناء سكن وقفاً لأبنائهم مع صياغة متقنة لكيفية استعمالها سنين طوال.



error: المحتوي محمي