حين بدأت تتسرب أخبار إضافة مناهج دراسية جديدة في التعلم العام تبادر لذهني للوهلة الأولى دخول منهج خاص بالتربية الإعلامية والتي باتت باعتقادي حاجة ملحة خصوصًا مع اتساع مستخدمي وسائل الإعلام الحديثة، وبروز مشاهير “السوشيال ميديا” من جميع الأعمار، بالإضافة لاختلاف وتفاوت المفاهيم القيمية بين الأجيال والتي تستدعي وقفة تربوية جادة لضبط الممارسات الأخلاقية والسلوكية والتي شهدناها من الكبار، والصغار ممن يعرفون تسميةً بالمشاهير.
تعرف منظمة اليونسكو التربية الإعلامية بأنها: (الكفاءات الأساسية التي تتيح للمواطنين التعامل مع وسائل الإعلام على نحو فعّال، وتطوير الفكر النقدي ومهارات التعلّم مدى الحياة، في سبيل تنشئة اجتماعية تجعلهم مواطنين فاعلين)، وبشكل بسيط هي المقدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، وتقييم المحتوى، حيث تركز مفاهيم التربية الإعلامية على عدد من المهارات والتي تتضمن:
مهارة الوصول لوسائل الإعلام وتركز على محو الأمية الرقمية، واختيار الوسيلة الإعلامية الأنسب للوصول للمعلومة، أو للجمهور.
مهارة تحليل المحتوى وتركز على مهارات الربط، والمقارنة، والفهم، بحيث لا يكون المتلقي سلبيًا في احتواء كل ما يصله من وسائل الإعلام.
مهارة تقييم الرسائل من خلال مهارة النقد، والتقييم بحيث يمكن للمتلقي تصنيفها سلبيًا أو إيجابيًا.
مهارة إيجاد وسائل للتعبير عن الذات والتواصل، وتتضمن أنواع وسائل التواصل، ومستوى الخصوصية والأمان فيها، وطريقة استخدامها بشكل فعّال.
مفهوم التربية الإعلامية ظهر في الغرب منذ نحو نصف قرن واقترن بأبحاث ودراسات تأثير الإعلام، وأدمج ضمن مناهج تعليمية في بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، ومؤخرًا خطت الأردن الخطوة الأولى عربيًا بإدخال التربية الإعلامية ضمن المناهج التعليمية، وأنشأت مركزًا مختصًا بالتربية الإعلامية والمعلوماتية صدرت عنه سلسلة قيّمة من المطبوعات في التربية الإعلامية تتضمن دليلًا لفهم الإعلام المعاصر، ودليلًا لمحو الأمية الإخبارية، ودليلًا للتربية الإعلامية الرقمية، والعديد من المنشورات ومقاطع الفيديو القيّمة، وفي مصر طرح موضوع التربية الإعلامية على أعلى المستويات بعد أن اقترح وزير الإعلام المصري أسامة هيكل في أحد المؤتمرات إضافته كمنهج تربوي، حيث باتت التربية الإعلامية اليوم أكثر من أي وقت مضى حاجة ملحّة.
في المملكة وفي الوقت الحالي ربما ستخدم مادة “التفكير ناقد” التي أضافتها مؤخرًا وزارة التعليم جانبًا من جوانب التربية الإعلامية من خلال اكتساب مهارات الملاحظة، والتحليل، والنقد، ولكنها لا تغني عن إضافة منهج للتربية الإعلامية، أو دمج مفاهيم التربية الإعلامية ضمن المناهج التربوية، كما أننا كمربين؛ آباء وأمهات ومختصين تربويين بحاجة لمفاهيم التربية الإعلامية الآن أكثر من أي وقت مضى، فحين كانت وسائل الإعلام محدودة بعدد من القنوات التليفزيونية، والإذاعات، والصحف، والمجلات، لا تشبه ما نعيشه اليوم وحلم أطفالنا أن يكونوا “يوتيوبرز” و”مشاهير”، فالتربية الإعلامية في الوقت الحالي حاجة للجميع، ليتمكن المربون من فهم الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام وطرق التعامل معها تربويًا، ولينشأ الصغار قادرين على التعامل مع هذه الوسائل وتقييمها أخلاقيًا.
زينة علي- صحفية وباحثة في الإعلام والاتصال