
قلت لفاضل: لقد خلف لك أبوك رأسمال معنوياً ثرياً، لا يضاهيه أي ثراء مادي، رأسمال معنوي له ثقله عند الله وعند الناس.
فكما قال الشاعر: لا يذهب العرف بين الله والناس، إنه رأسمال معنوي لا يتوفر إلا لمن هم مثله، من أفذاذ الرجال الأخيار، وهم اليوم قليلون، بل نادرون ندرة الكبريت الأحمر.
لقد خلف أبو فاضل حب الناس له، حباً كبيراً يستحقه، وما هذا الاحتشاد الهائل في تشييعه، رغم احترازات كورونا إلا آية إجماع الناس على شخصيته المحبوبة، وتقديرهم البالغ لمنهجه التطوعي الخيري.
وهذا كرامة قبول من الخالق جل وعلا، لعمل عبده الطيب المتواضع الصالح.
وما هذا الحب المجتمعي، الذي تدفق صافياً مدراراً بالدموع والحسرات على أبي فاصل، إلا لأنه رجل بكل ما لكلمة الرجولة من معنى، كيف لا؟
وقد عرف بنكران ذاته وتفانيه في حب أهله وأصدقائه ومجتمعه، باذلاً كل جهده ووقته وماله وتراكم خبرته العملية، في إشاعة الخير وعمل المعروف بلذة روحية عجيبة.
كان بإمكان أبي فاضل أن يكدس عشرات عشرات الملايين، في حسابه البنكي، بمجرد توظيف خبرته الهندسية المتراكمة، مع ما تمتع به من ثقة المجتمع، إلا أنه آثر اختيار رصيد آخر، أثمن وأبقى في الدنيا والآخرة؛ رضا الخالق ومحبة الناس.
فهنيئاً لك أبا فاضل على ما أفاضه الله عليك من نعمه ظاهرة وباطنة، وهنيئاً لابنه جوهرته الغالية فاضل وبناته الطيبات وزوجته الصابرة المحتسبة، وكذلك لبني إخوانه الأعزاء، ولذريته الكريمة، وهم يستندون جميعاً إلى ما خلفه لهم حبيبنا الشهم عباس من رأسمال رمزي ضخم فائض بالعز والمجد، لا يفنى مع تقادم الزمن.
لقد فارقنا أبو فاضل، وترك في نفوسنا الحسرات الدامعة عليه، يرحمه الله ويحشره مع محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين، في الفردوس الأعلى مع والديه الخيرين.
هذا وعلى كثر ما كتب عني ممن أعتز بأقلامهم وصداقاتهم سعوديًا وعربيًا، سيظل مقال الحبيب أبي فاضل في جريدة “الرياض” وساماً غالياً يتلألأ على صدري ما حييت كأغلى ما يكون، فقد كنت أحاول مجاراة نهجه وما قمت به مجرد قبس من نور عمله الوضاء، فقد كان أخاً عزيزاً وصديقًا صادقًا صدوقًا وفيًا.
سأفتقدك حبيبي عباس وأنا منكسر القلب دامع العين افتقاد من يأمل في لقياك! كما عبر المتنبي:
وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ
مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ
أخوك المحب
محمد رضا نصر الله