قبل عدة أسابيع صدر توجيه معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان بشأن إزالة أسوار مبنى الوزارة وذلك ضمن جهودها لتحسين المشهد الحضري وتمكين الناس من الاستفادة من الحديقة التي تحيط بمبنى الوزارة.
جرس قوي يدقه معالي الوزير وخطوة رائعة رغم رمزيتها، وكأن معالي الوزير يقول إن العلاقة والحب الأعمى للأسوار يجب أن يعاد النظر به، فهذه الخطوة تكشف بشكل جلي عن فلسفة ونظرة جديدة للوزارة ورؤيتها لمعنى تحسين المشهد الحضري والاحتضان والتفاعل المكاني بين المبنى أو المرفق الحكومي والمحيط، فالتواصل مطلوب ليس بين البشر فقط، بل بين المكونات الحضرية أيضًا والتي تؤثر تطور السلوك الإنساني لرفع مستوى جودة الحياة.
لقد تبع قرار معالي الوزير قيام وزارة الثقافة بجدة بإزالة أسوار مبنى فرع الوزارة أيضًا، كما سبق ذلك قيام وزارة الصحة قبل سنوات بتنفيذ الهوية الجديدة لمباني المراكز الصحية التابعة لها وكانت هي أيضًا دون أسوار.
في القطيف مازالت بعض المباني الحكومية مسيّجة بالحب الأعمى/الأسوار التقليدية التي تحجب المبنى وتعزله عن محيطه، بل إن بعضها تمثل هذه الأسوار وأبوابها أيضًا جزءًا لا يتجزأ من التشوّه البصري الذي تعانيه المدينة. قبل أشهر قامت بلدية القطيف -وبعد مناشدات من الأهالي- بإزالة سور حديقة أحد الأحياء، وقد أعطت هذه الخطوة جمالاً وسعة للحي بالرغم من قيام البلدية بتقليص المسطح الأخضر حيث جعلت أكثر من 80% منها مجرد سطح خرساني بدلاً من الأشجار والبساط الأخضر.
في جزيرة تاروت الأم، يحيط بمبنى بلدية جزيرة تاروت -الذي يقع في منطقة تمثل منطقة جذب سياحي نظراً لقربها من الشاطئ الوحيد في القطيف قاطبة وهو شاطئ الرفيعة- سور أقل سماكة لكنّه يتجاوز الخط التنظيمي للشارع ويمثل مبنى البلدية بتجازوه هذا حالة نشاز مقارنة بالمباني الأخرى التي على امتداد الشارع، كما يقف سور مبنى البلدية حالياً أمام فتح الأقواس الجانبية -كما في الجانب المقابل للشارع- التي تزيد الشارع أماناً وانسيابية للحركة المرورية.
لقد شاهدنا العديد من الجامعات العالمية التي تحرص على وجود تداخل مدروس بين الحرم الجامعي وبين البيئة المحيطة بها لإحداث نوع من التفاعل المكاني والسلوكي بين الجامعة ومحيطها بدلاً من تلك الحواجز، وفي المملكة صدر كود البناء السعودي الذي سوف يتم تطبيقه خلال العام المقبل ولم يشترط الكود السعودي وجود سور للمنازل وأعتقد أن هذا ينسجم مع قرار الوزير؛ لذا فإن القرار المهم الذي اتخذه معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان بحاجة إلى تفعيل جاد على مستوى المملكة سيما في المباني والمرافق التابعة لوزارته.