بعدما كان الرَّجل العربيّ الشَّهم الغيور يكتب شعرًا عن نفسه، يفتخر فيه بحفاظهِ على سترِ جارهِ وجارته فكأنَّه لا يسمع ولا يرى:
ما ضَرَّ جاري إِذْ أَجاورَهُ …. أَن لا يَكونَ لبيتهِ سترُ
أَعمى إِذا ما جارتِي خرجت …. حتىّ يواري جارتِي الخدرُ
وَيصمّ عما كان بينهما …. سَمعي وَما بي غيرهُ وقرُ
عجبًا، فإذا بعضُ أبنائهِ اليوم هبطوا بتلك القيم السَّماوية إلى قيمةٍ أرضيَّة، وأصبحَ البعضُ يبتزّ البعض. أحمقٌ يبحث عن صورة لجارته في غفلة، أو حمقاءَ تبحث عن كبوةٍ لأحمق، في لحظةِ بلادة تكفي لأن تضعَ مستقبل صبيَّة أو صبيّ زاهر وواعد في مهبِّ الريح، تارةً إمعانًا في الفضيحة وتارة طلبًا للمال!
أفضل طريقةٍ لحفظ المال من السرّاق وضعه في حرز، وأفضل طريقة لحفظِ الشَّرف والعفاف الابتعاد عن الطفيليين والمتطفّلين، لعل وعسى أن يكفَّ ويعفَّ من في قلبهِ مرض. حيث إن حيل ومكر الشَّياطين اليوم أقوى من الأمس! بالأمس قد يسرق الجار نظرةً أو ابتسامة أو كلمةً عابرة، أمَّا اليوم فكل شيء قابل للسَّرقة في حالة الغفلة.
خلاصة الفكرة: قبل أن تنخدعوا بكلامٍ معسول أو وعودٍ زائفة عُدُّوا من الواحد حتى العشرة، وتذكروا أن لا أحدَ يشتري بضاعةً بعد أن يسترخصها، وأن ليس في الحياةِ وجبة دونَ ثمن. وأن الشَّرف ماعونٌ جميل، فليس من الجائز أن يكسره أحمق. هذا الخطأ ينساه النَّاسُ ويغفرونه للصبيّ ولا ينسونه للصبيَّة!
قبل أن تكون ضحيَّة، اقرأ حكاياتِ الضَّحايا.