انطلق الطُموحُ وقتَ الدراسة. كُسِرتْ المجاديفُ وقتَ العمل. عرفتَ يا “عزيزي” مبكراً أنها ليست بيئةً محفزة، بل لا تحترم المخلص، بل بيئة طاردة لأي عطاء، وقد لا نفهم من المستفيد من وراء ذلك!
اخترتَ دربَك بعناية ثم طبقتَ قواعدَك من وحي الواقع: اكسب الوقت، لا تقدم ولا تؤخر (كأن شيئاً لم يكن).
مصلحتك أولًا. حاول قدر الإمكان ألا تتورط بالإساءة مع أحد. اضحك، جامل وأعطِ الوعود التي قد لا تكون في يدك.
اخترتَ مجالاً بإمكانك أن تعمل به وبإمكانك أن تأخذ المهام شبه الوهمية، طبعاً إذا داهنتَ مديرَك.
إذا خاطبتُك: تضحك. إذا رأيتَني أعمل: تضحك. في الاجتماعات: تضحك. وأنا أتساءل في نفسي: لماذا هذا دائماً يضحك مع أنّ الموضوعَ جادٌ؟!
لم تسئ لي يا “عزيزي” وهذا يهمني. زميلٌ ومديرٌ (مرَّ فما ضرَّ) أفضلُ من بعض الأشقياء الممتحنةُ (قلوبُهم).
صحيح أنّ حياتَك العملية بالفهلوة عبثية وقد لا تناسب الكثير. لكن كيف لي أن ألومَك في فلسفتك في بيئة عمل المطرقة. (فهي تختار المسمار السليم لتضربه على هامته، بينما ينجو المسمار الأعوج: منقول). كلما اقترب عطاؤك من الصفر تتقدّم.
فرَّغتَ نفسَك للسعي لكي تترقى. وعرفتَ المطلوب. لم تحتج بسبب انشغالك في العمل لمديرٍ انتهازي أو إداري نائم أو مضطرب يخدعك في متطلبات ترقيتك ليفوّت عليك استثمار مجهود الدراسة. ربما للأبد لو تغيّرت الأنظمة. بينما حينما يأتيه طلب ترقية يخص امرأة يأخذ رقم هاتفها ويتواصل معها خطوة بخطوة لعله يحظى بشيء في نفسه ولو صوتها. فتترقى بسلاسة.
حتى قراراتك عندما أصبحتَ مديراً، عندما أُعفيتَ من منصبك. تلاحقتَ نفسك وألغيتَها (كأنّ شيئاً لم يكن)!
أجدتَ التهرُّبَ. وكأني بك على رأس العمل وأنت تفطر في مقهى أو تتغذى في فندق. كم اجتماعٍ حضرتَ من النوع الذي لا يقدّم ولا يؤخر! هي اجتماعاتٌ تتخصص في البوفيهات أو أكل الدونات! وتُحسب من وقت العمل. حتى دورات دراستك في كندا كانت سياحةً وكسباً للوقت وأنت على رأس العمل أكثر منها جدوى للعمل!
ما أكثر المهام التي استلمتَها يا “عزيزي” دون مردود. ولا خطّة أو مسرحية استلمتَها فأكملتَها!. كنتَ زنبركاً يتقفّز من مكانٍ إلى آخر.
ومرّت الأيام مسرعةً كعادتها وعطاؤك تقريباً صفر. (كأنّ شيئاً لم يكن). وها أنت “عزيزي” تتقاعد وتستلم الراتب وأنت كعادتك تضحك.
الآن فهمتُ لماذا كنتَ تضحك. هنيئاً لك لأنك (كسبت).
كوميديا سوداء.