عد إلى الله وأعد حقوق الناس قبل أن ترفع يديك بالدعاء هذه الليلة

ليلة القدر هي ليلة بداية ميزانية حياتك، عمرك وصحتك ورزقك، ميزانية أعمالك قبولها وردها، ميزانية أخلاقك وقيمك وعلاقاتك أنت من يحدد ميزانية نفسه، لديك قانون إلهي واضح: إنما يتقبل الله من المتقين “إنما هي نفسي أروّضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق”، أنت من يحدد قيمة عمله ووجوده وشخصه وكيانه، العمل في ليلة القدر عظيم فأحسن وضوءك قبل صلاتك واختر الطاهر الحلال من مائك قبل وضوئك وأخلص نيتك قبل أن تغسل وجهك.

ما أكثر الماء وأنظفه وأصفاه ولكننا لا نشعر بذلك لأننا مشغولون عنه بنظرنا إلى غيره وذهولنا عن ربنا فلا نجد طعم عبادتنا.

جعل لنا الرحمان ليلة القدر خيرًا من ألف شهر فتوجه أغلبنا لله بعبادته فأكثرنا قيامنا وطهارتنا لكننا لم نبحث عن الطريق الذي يجعل هذه الليلة خيرًا من ألف شهر.

يقف الإمام (ع) وهو مستعد إلى التلبية للدخول إلى حرمه العظيم فينقطع الصوت في حلقه.. أخشى أن يقول عز وجل: لا لبيك ولا سعديك، نعم.. لا لبيك ولا سعديك لأن مالك من الحرام يا رب جئتك من مكان بعيد وأنا أتحمل صعب الطريق وتعبه لأجلك ثم أجد الأبواب مغلقة. لأنك لم تاتِ لي.

سنحاسب يوم العدل الأكبر على طاعتنا ومعصيتنا وعدلنا وظلمنا وغيبتنا وبهتاننا وأكلنا وشربنا ونومنا ويقظتنا وهو العالم بخفايا نفوسنا وسنجد ثوابًا مضاعفًا وعملًا لا قيمة له وعملًا ينتظر من يرفع الحواجب والحواجز عنه.

لن نحصل على حسن العمل دون أن نحسن أداءه وطريقه. نبكي عليًا وهو يمسح بيده على الأيتام ونشعر بعظمة علي وخوف علي وتقوى علي ولكننا لم نفكر في أن نمسح بيدنا على الأيتام الذين بيننا اقتداء بعلي أو نتصدق على المحتاجين منهم أو نعطي الأيتام حقهم، فكم يتيمًا نأكل ماله أو نحبس حقه أو نتصرف فيما لا حق لنا فيه وهو يعيش مصاعب الحياة وأمواله معطلة بأيدينا وبحجج واهية نخترعها في رشده وهو أكثر منا رشدًا.

يا لها من نفوس ضائعة تبحث عن قطرات الندى في الصحراء وهي تعيش فوق أنهار من الماء الزلال لكنها النفس إذا تاهت ضاعت عن السير على الطريق الصحيح.

عندما تبكي على خطيئتك فتذكر كيف تعيد الحقوق لأصحابها (مادية ومعنوية) وكيف تعود عن معصية ربك وكيف تبني نفسك في طاعته وتذكر أن الحياة التي تسوف التوبة في يقظتها هي فترة غير مضمونة فكم من راحل وهو يستعد لإصلاح نفسه ويعيد حقوق غيره أو يحي هذه الليلة العظيمة ولكن الأجل حال بينهم، تذكر قبل هذه الليلة حق الله وحق الناس فإن استطعت ألا تجلس مع الله إلا وأنت قد أديت الحقوق فاصنع ذلك وأحسن نظرك إليه وأخلص قلبك معه وتوجه بروحك وابكِ على خطيئتك وتب إليه فإنه غفار رحيم.



error: المحتوي محمي