يشتكي كثير من النَّاس من إزعاج الشباب، وحق لهم أن يشتكوا! فهل هذا الإزعاج حصر على هذا الجيل من الشباب؟ ألم نكن نحن في شبابنا مزعجين أيضًا؟ لم نكن ولا من سبقونا ملائكة، بل كنا بشرًا عاديين لنا ما لنا وعلينا ما علينا. بلى كنَّا مزعجين، ولكن أدوات الإزعاج اختلفت بين الأمسِ واليوم. كانت بالأمس بسيطة لأن المادة غير متوفرة، فلا سيَّارات فارهة تمخر الشوارع ولا درَّاجات ناريَّة تخترق جدار الصوت، ولا أبواق الأصوات الحديثة تبث مختلف أنغام الأغاني ليلَ نهار.
فماذا لو تمَّ توظيف من أمكن منهم في وظائف مؤقتة، تكسبهم خبرة وقليلًا من المال؟ يوجد الكثير من المنشآت التجاريَّة والصناعيَّة في منطقة القطيف بإمكانها أن تستوعب المئات من الشبَّان والشابَّات الدارسين في المراحل الثانويَّة والجامعيَّة. نستطيع الجزم أن تجارنا وأصحاب الأعمال يكسبون طوال السنة ما يكفي من الربح الذي يمكنهم أن يستثمروا بعضًا منه في صالحِ أبناء مجتمعهم. وهم أيضًا يستفيدون من طاقةٍ عاملة ومنخفضة الأجر. هكذا هم يفعلون في بلادِ الغرب في مناسبات الأعياد والإجازات السنويَّة، يستفيدون ويُفيدون بتوظيفهم المؤقت لأعدادٍ كبيرة من الشبَّان والشابات!
المجتمع بحاجة إلى من يعلق الجرس ويبدأ في المساهمة الفعليَّة بحلولٍ شبابيَّة ممتعة وجذَّابة لجيل الشباب. أما بث الأنين والشكوى فلن يجدي نفعًا مع هذا الجيل الصاعد، كما لم ينفع مع من قبلهم ولن ينفع مع من بعدهم!
هؤلاء الشباب هم الآن صغار القوم لكنهم يوشكون أن يكونوا كبار وعليَّة القوم، فعليهم تعلم العلم والتخلق بحسن الأدب. وأول بابٍ من أبوابِ حسنِ الأدب كف الأذى عن الناس. لهذا، أظن أن هذا الجيل لا يجب أن يُلام، بل يستحسن أن يستوعبه أبناءُ الجيلِ القديم، فهم سوف يكبرون عما قريب ويأتي جيلٌ آخر يسبب لهم صداعًا في رؤوسهم. وهاهي الإجازة الصيفية تطرق الأبواب، فيها تتفجر الطاقات الشابَّة في النواحي السلبيَّة إذا لم يتم استيعابها في العمل والتدريب والترفيه الجيِّد.
الشباب اليوم يستهلك أغلبهم غذاءً مملوءًا بطاقةٍ عالية، ويرون مشاهدَ مثيرة. وبحاجة إلى تصريفِ الفائض من هذه الطاقة، فإما أن تستوعبهم مشاريع المجتمع، وإلا هم يصرفونها كما يرون، وهذا في الغالب يزعج الناس. مع أن هذا الإزعاج الذي نشتكي منه أفضل بكثير مما قد يفعله الشَّباب في تصريف فائض الطاقة -لا سمحَ الله- في العلاقاتِ غير المشروعة والجرائم والسرقات.