أوضح سماحة الشيخ محمد آل عمير أن ظاهرة عقوق الآباء للأبناء، من أكثر الظواهر ضررًا على المجتمع، وخطورةً عليه، وإفسادًا لقيمه، وهدمًا لأركانه، وهو ما يغفل عنه الكثيرون من الدعاة والواعظين والتربويين، على عكس تركيزهم الشديد على جانب عقوق الأبناء لآبائهم.
وأكد “آل عمير” أن الأسرة هي اللبنة الأساسيّة في بناء المجتمع، فهي كالخلية الحيّة وهي أوّل وعاء تربوي وثقافي يحتضن الأبناء، وتمثل المدرسة الأولى لتشكيل وتوجيه سلوك الفرد وعاداته وطباعه.
وقال إن الوالدين هما القدوة المثلى للأبناء، ويرون فيهما صورة الكمال ويقلدونهما، ويكونان سلوكهم وتصرفاتهم، ويكتسبون بصورة لا شعورية كثيرًا من القيم والمبادئ والمثل والفضائل الأخلاقيّة، ففي الأسرة يتلقى الأولاد الإحساس بما يجب وما لا يجب القيام به، والوظيفة الأساسية للأسرة هي تربية الأبناء تربيّة سويّة.
ونوه إلى أن العملية التربية عملية مستدامة، وكل ما يدور حول الابن ويشعر به يؤثر عليه، لهذا يتوجب على الآباء أن يكونوا نموذجًا مباركًا لأبنائهم.
ولفت إلى أن إدراك طبيعة المراحل العمرية والتمييز بينها هو من أهم الواجبات التّي ينبغي أنّ تلتزم بها الأسرة، حيث إن كل مرحلة من مراحل نمو الطفل العقليّة والنفسيّة والسلوكيّة لها تأثير على سلوكه وتفكيره.
وشرح قول الإمام الصادق (عليه السلام) في التربية: “دع ابنك یلعب سبع سنین ویؤدب سبع سنین والزمه سبع سنین”، موضحًا: “لاعبه سبع سنين أي أنّ الطفل في هذه السن يحتاج إلى المزيد من العناية والاهتمام بالجانب العاطفي الّذي له أثر كبير على مستقبله، فقد يوّلد الفراغ العاطفي وعدم الاهتمام بالطفل آثارًا لا تُحمد عقباها، ومرحلة المحاكاة وكل ما يسمعه ويراه تحتفظ به ذاكرته وتتكون من منطلقه شخصيته وتصرفاته ومبادئه، فالالتفاف السلوكي حجر الأساس”.
وأضاف: “وفي السبع السنوات التالية من عمره؛ مرحلة التعليم والتأديب وبيان الصواب والخطأ، ويجب على الوالدين أن يشتركا مع الطفل في اللعب، مما يقرّب العلاقة بينهما وبين طفلهما فيسهل عليهما التعليم والتأديب في هذه المرحلة، وهي مرحلة التقويم والتهذيب وعلاج السلوكيات الخاطئة بأساليب تربوية ناجحة والتأديب”.
وشدد على ضرورة تعرف الآباء على خصائص كل مرحلة عمرية للأبناء وكيفية التعامل معها.
ودعا “آل عمير” إلى تنمية الذكاء العاطفي والاجتماعي والتوازن التربوي، وأن يكون الآباء أكثر وعيًا ومعرفة شخصية أبنائهم، وهذا يسهل العملية التربوية وتجاوز الصعوبات، إضافةً إلى الالتحاق بدورات تربوية لاكتساب الخبرات في تعلم الأساليب التربوية والسلوكيات الإيجابية التي تعزز المفاهيم والقيم لدى الأبناء.
ووجه الآباء إلى معرفة حقوق الأبناء والاهتمام بهم، فهم جزء منهم ويجب عدم تركهم بدون توجيه ورعاية، منبهًا على أولياء الأمور بأن يعوا تمامًا تصرفاتهم وسلوكهم حتى لا يؤثر ذلك على أبنائهم ويلقون اللوم عليهم، فهم انعكاس لهم.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظمته منصة “الثقلين” بسيهات، ضمن برنامجها “الدروازة”، بعنوان “عقوق الأبناء.. ما أسبابه وطرق العلاج”، بمحاورة المدرب هاني نصيف، يوم السبت 17 أبريل 2021م، عبر “يوتيوب”.