ارحموا الجيوب والأبدان في شهر الرحمة والغفران

ليتنا نفكر وفي هذا الشهر المبارك أن نقتصد بدلًا من أن نفرط لدرجة المبذخ فيما يوضع على سفرة الإفطار أو السحور أو ما بينهما مما نحتسيه في بطوننا من مختلف الأطعمة وكأننا كنا في مجاعة ودون حاجة سوى تلك التي يحتاجها الجسم ويرفض الباقي منها لتكون وبالاً على أجسامنا مما ينعكس علينا من تخمة وأمراض نحن سببها ويستطيع المرء أن يرى ذلك بأم عينيه ويعاين التزاحم في المستشفيات والمستوصفات التي تبدأ باستقبال المرضى بشكل مضاعف عما هي عليه قبل الشهر الكريم.

ليتنا نخفف على أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا عناء ما يبذلنه طوال اليوم ووقوفهن طوال الوقت أمام النار في المطابخ وربما نتذمر، وأنا أول هؤلاء، من بعض أطباقهن دون مراعاة لمشاعرهن وكأنهن لا يخطئن ولا يسهين ولا يغفلن.

ليتنا نعتبر ونحن نعيش روحانية هذا الشهر ونتبع الصالح فيه وفيما يخص دنيانا وآخرتنا بدلًا من أن تكون هذه الليالي هي ليالي أكل وشرب ولهو وسهر في المزارع والمتنزهات والمقاهي وفي أمور لا تتعلق بالشهر الكريم أصلاً ولا بروحانيته ولا مندوباته والتي يعجز عن ذكرها البيان.

ليتنا نستغل هذه الفرصة المباركة للاستشفاء بالصيام واستعادة صحة الأجسام بالصيام، وأن نتقرب من موائد الله -عز وجل- بالصيام وننهل من عطاياه ومواهبه بالصيام.
ليتنا نقتصد بدل التبذير ونجعلها فرصة نتعلم منها ونعي جيداً لمصاريفنا والتي هي ثلاثة أضعافها فوق حاجتنا، لأنها مجرد كماليات وترف وبهرجة لا طائل منها، فلو فكرنا قليلًا وأخذنا مثالًا في جزئية واحدة فقط ونتساءل: كم عدد ثياب كل واحد منا ومن أبنائنا التي تملأ الخزائن؟ كم عدد الغتر والأشمغة والأحذية؟ وكم عدد الأقمصة والفساتين والبناطيل؟ وأغلبها للمباهاة دون حساب!

كم عدد الأحهزة الإلكترونية الزائدة عن الحاجة والجوالات وباقي الكماليات؟
كم عدد السيارات التي تقف عند منازلنا الآن خاصة مع سياقة المرأة وكم مقدار مصاريفها وصيانتها الدورية، وكم تبلغ قيمها أصلًا وهل لدينا المقدرة فعلًا على توفيرها أم هي بالدين؟ ولماذا؟

السوبر ماركت والبقالات مليئة بالبشر، ومحلات الملابس والكماليات المنزلية تكتظ بهم كذلك، كما هي الأسواق على اختلاف بضائعها، والنتيجة ماذا؟ لا شيء سوى التبذير، لا شيء سوى “الهياط” والتباهي بما يثقل كواهلنا بالديون والالتزامات وبالتالي الإفلاس والحاجة من أول أسبوع وبعد الراتب المحدود مباشرة والذي لا يغطي متطلباتنا وهي تزيد قيمة وتكلفة بشكل مضطرد!

علينا التدبر وحسن التدبير وذلك بالوعي والحزم والاكتفاء بالحاجة، وبالادخار تحسبًا لأي ظرف طارئ وإن لم يكن فهو مكسب ونجاح في أن الفرد يمكنه أن يقتصد ويوفر وبالتالي يربح وكأنه في تجارة حين يغالب هواه ومشتهاه وهي مغالبة بنتيجة مأساوية إن لم يهزمها.

أتذكر كلمة وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل حين قال الوزير إن مشكلة الإسكان هي مشكلة فكر، وقد انتقده من انتقد، وفي رأيي أنه فعلاً لم يجانب الصواب سواء عن قصد أو غير قصد وسواء اتفقتم أو اختلفتم معي هنا.

فالفكر الذي يعنيه إن كان يعنيه هو أن نتدبر بوعي ونعتبر ونفكر بوعي وكيف نستطيع أن نُعمل فكرنا ونبدأ بتقنين مصاريفنا والحد منها سواء تلك الفائضة عن حاجاتنا وأيضاً تقليل احتياجاتنا الأساسية للحد الذي يساعدنا على تحقيق أحلامنا ومنها على سبيل المثال مشروع السكن أو غيره.

علينا فعلاً أن نضحي ولو على حساب أمور مهمة أخرى بغية تحقيق هذا الحلم أو ذاك والذي سوف يتحقق فقط إذا قررنا ووضعنا له الإستراتيجية المطلوبة بغض النظر عن البعد الزمني النسبي الذي يستغرقه المشروع من بدايته وحتى يتحقق الهدف بوجوده.



error: المحتوي محمي