الصيام والقيم الإنسانية

جاء الدين الإسلامي ليكرم الإنسان، ويرفع مكانته، ويثبت في قلبه مبادئ سامية، مثل العفو والمسامحة واللين، مما يتيح له التواصل الاجتماعي القيم مع جميع البشر، بالمودة والأخوة والتسامح، بحيث لا مكان للعداوة أو الشحناء والبغضاء.

فالإنسان وبالخُلق الكريم والمعاملة الحسنة، وبالقلب العطوف يكسب محبة الله سبحانه ثم يلقى محبة الناس من حوله واحترامهم، كما يبني علاقات اجتماعية وطيدة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل، فيها إدخال الفرح والسرور والسعادة إلى القلب وتتيح الاستقرار والطمأنينة في النفس وتلك من المبادئ القيمة التي أكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف.

فالكلمة الطيبة من الإنسان لأخيه الإنسان، تحمل الخير والنفع، وهي مفتاح القلوب، ولها أثر طيب في النفوس وتغلق أبواب الشر، وهي من العمل الصالح والطيب الذي يؤجر عليه صاحبها ويلقى مرضاة الله عز وجل، قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍۢ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَآءِ}، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “الكلمة الطيبة صدقة”.

ها نحن الآن على أبواب شهر كريم، شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر الرحمة والمغفرة والذي تتضاعف فيه الحسنات، ونحن فيه أحوج ما يكون بمد جسور التعاون والتآخي بين بعضنا البعض، واحترام الآخرين والإحسان إليهم، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

فنجاح أي مجتمع ونموه يقاس بمدى قدرته والتزامه بما يحققه من التعامل بأكبر القيم، كالصدق والأمانة والمعاملة الحسنة والأخوة الكريمة والتعاون مع مختلف المجتمعات الإنسانية، بنبذ العنف والكراهية وعدم التمييز وعدم إقصائه للآخر، وينبغي علينا تعميق الفهم بأخلاقيات كثيرة محببة في كل وقت ويُضاعف الأجر والثواب فيها في هذا الشهر العظيم، حيث للصيام آثاره الإيجابية والصحية والاجتماعية والاقتصادية منها، تنشيط عمل التكافل الاجتماعي وتعزيز العلاقات الإنسانية والخيرية وتجسيد روح العطاء والبذل والتسامح وصفاء النفس، وتوطيد العلاقات الأسرية وصلة الرحم مع الأهل والأقارب ومد يد المساعدة للمحتاج منهم، وبر الوالدين تأتي في مقدمة الأعمال وهي من الطاعة للخالق عز وجل، الإحياء بالقرب منهما والتحبب إليهما لما في ذلك من الأجر والثواب الكبيرين والبر لهما بعد الممات بالدعاء الصالح والصدقة الجارية لهما، ومن الأعمال الإنسانية والحس بالمسؤولية، إدراك معنى الجوع والعطش والاهتمام بالفئات المستحقة من الفقراء والمساكين، كما يجب تفقد الأقربين والجيران وزيارتهم والتعرف على أحوالهم وظروفهم، تلك علامات عظيمة فيها من الرقي والغايات النبيلة، التي لها مصبها كالنهر الأبيض الناصع المتدفق بالخير واليمن والبركات والازدهار للأرض وللإنسانية جمعاء.

نسأل الله المولى القدير، أن يكون هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان، شهراً مباركاً على الجميع، تفتح فيه أبواب السماء بالبركة على البشرية، ويخلصنا الله عز وجل من هذا الوباء، ولا يفوتنا أن نهيب بمجتمعنا الكريم بمد يد العون والمساعدة للأسر المتعففة من الفقراء والأيتام وكذلك الأفراد والأسر أصحاب الأعمال الصغيرة والأسر المنتجة، المتضررة بسبب جائحة كورونا والتي عانت من ضغوط حياتية صعبة وحيث الجمعيات الخيرية ساهمة مشكورة ومازالت تبذل كل جهد ممكن وبمساعدة الجميع “أنتم أهل الخير والعطاء”.



error: المحتوي محمي