أول أسئلة (المشككين في الله) لماذا لا يأتي الله إلينا ؟.. الإيمان والإلحاد (1)

أول أسئلة (المشككين في الله) لماذا لا ياتي الله الينا ؟.. الإيمان والالحاد (1)

يطرح ابن أبي العوجاء السؤال الاهم على الامام الصادق (ع) لماذا لا يظهر الخالق لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ولماذا احتجب عنهم وأرسل اليهم الرسل ولو جاءهم بنفسه كان أقرب إلى الايمان به ؟

كان بإمكان ابن أبي العوجاء أن يسأل لماذا لا نرى الله وهو السؤال الشائع بين المشككين غالبا لكنه عكس القضية لأن الإجابة ستكون لأن الله ليس بجسم ليُرى فلم يكن اذن السؤال عن جهل .

حزب الالحاد في عصر الإمام الصادق عليه السلام وأبرزهم عبدالكريم ابن أبي العوجاء وعبدالله المقفع وأبو شاكر عبدالله الديصاني وعبد الملك المصري والجعد بن درهم ويسمون بالزنادقة في ذلك العصر وقد سبقهم الدهريون في نفي الخالق سبحانه ” وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا
ومَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ”
هذه أسئلة مهمة سرعان ما يطرحها المشكك في الخالق سبحانه وتعالى والملحد لوجوده ويبرزها كأهم انكار لوجود خالق للكون – سواء كانوا قدامى المشككين ام جديدهم- وإن أهم ما يطرحه الملحدون هو “عدم وجوده الحسي دليل على نكران وجوده الحقيقي” ويرون ان خفاءه عن النظر وعدم ادعاء احد رؤيته دليل على عدم الوجود
بل نلاحظ ان هنا استدلالا على اهمية وجوده ان يدعوهم الى عبادته حتى لا يشكك احد في وجوده ولماذا احتجب عنهم ولم يظهر لهم وأرسل اليهم رسله بل ان ظهوره اليهم سيحقق الايمان به سبحانه
وهذه الاشكالات وان تعددت مع تطور الانسان فيبقى هو السؤال المحير وان تغيرت صيغه وأشكاله
ويقف بعض الشباب مترددا في الاجابة وتجتمع بذهنه براهين عدة ولكنه لا يدري ايها سيكون الاقوى لإسكات هذا المشكك
ربما نتوقع اجابة الامام الصادق (ع) في منع امكان الرؤية ذاتا لان المرئي يجب ان يكون ماديا وهذا يقتضي التجسيم له سبحانه والجسم ممكن وواجب الوجود سبحانه لا يمكن ان يكون جسما،لكن الامام (ع) يجيب على اشكال (الملحد) في جزئه الاول في حوار طويل (الكافي 1/75) بقوله : “ويلك كيف احتجب عنك من اراك قدرته في نفسك فنشؤك ولم تكن وكبرك بعد صغرك وقوتك بعد ضعفك وضعفك بعد قوتك وسقمك بعد صحتك …” فالحادث ممكن ويحتاج الى قديم يوجده والا لتسلسل والتسلسل ممتنع عقلا
“وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ…” (الانعام 76) فالأفول دليل الضعف وعدم القدرة وما لا يمكنه البقاء لنفسه لا يمكنه ان يكون مبقيا لغيره “فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ… فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ…”
ونجد هنا الالتفات الى الامر الاول وهو التغير دليل الحدوث فأنت حادث في حياتك ومماتك وقدرتك وضعفك فانت تتغير في كل لحظة وكل متغير فانٍ لان التغير يعني الفناء ونجد امرين من خلال الاجابة :
1- ان وجود الباري ظاهر في وجودك ولو التفت الى نفسك لتحقق ذلك في ذاتك فالحدوث والفناء والتغير والتبدل ادلة على ضعفك وحاجتك الى موجد
2- ان التغير المستمر في وجودك سواء في مراحلك العمرية او المرض والصحة والتغيرات المستمرة دليل على حاجتك لمن هو اقوى وأعظم فأنت مخلوق فتحتاج الى خالق وأنت تمرض وتسقم وتموت وتحيا فانت ممكن فتحتاج الى موجد لك اقوى منك فأنت محتاج الى موجدك الاقوى وهو واجب الوجود الذي تنتهي اليه كل العلل
“سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” (فصلت 53)
يتبع … الاشكال الدائم : هل ان عدم الرؤية الحسية دليل على نفي الوجود ؟
شعارنا / الدين الاسلامي هو دين العقل والعلم والانسانية


error: المحتوي محمي