القريقشون لبٌ أم قشور؟

لا يختلف اثنان منا أن مناسبة القريقشون مرتبطة بفرحتنا بميلاد أمامنا المهدي المنتظر –  عجل الله فرجه – في ليلة النصف من شعبان المعظم، وكذلك بفرحتنا بميلاد إمامنا الحسن المجتبى – عليه السلام – في ليلة النصف من شهر رمضان المبارك.

بمعنى أنه لو أراد أحدٌ أن يقدم أو يؤخر المناسبة عن تأريخها لقلنا له لا يمكن ذلك إطلاقاً فهي مرتبطة بهما عليهما السلام، وواجب الشيعة أن يقدموا التهاني والتبريكات بهذه المناسبتين السعيدتين لمقام الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ولأهل بيته الطاهرين عليهم السلام، وأن يهنئ كلٌ منا صاحبه وأقاربه ويدخل السرور على ذويه وجيرانه.

إلى هنا المطلب واضح عند القارئ الكريم، لكن حينما ينبري كل شخص منا لإظهار مهاراته بطريقته الخاصة، فترى الطباخ يطبخ ويقلى أشهى المقليات خلف طاولات الطعام التي لا حصر لها ولا تعداد المليئة بأشهى الحلويات والمرطبات والبقوليات، والشوارع مزدانة بالبالونات والأعلام فكيف تبقي بنت أو امرأة في بيتها، ناهيك عن الرجال والصبيان، والآن جاء دور السؤال المحرج جوابه: هل نحن تمسكنا باللب أم القشور في إحياء هذه المناسبة العظيمة؟

وهل كنا محتاجين لمثل حظر جائحة كورونا بالعام الماضي كي تعطينا درساً أو لفت نظر لنعيد الأمر إلى نصابه؟ حينما كنا ببيوتنا جالسين ومن الخروج محرومين!!

وما هي نصائحك أيها الكاتب في هذا المقام علنا تستفيد منها والمناسبة الكريمة هذا العام على الأبواب؟ ولا سيما أننا ما زلنا نعاني من وطأة هذه الجائحة الصحية وعلينا باتباع التعليمات الرسمية تجنباً لأي مكروه لا قدر الله؟

فأقول لرب الأسرة وربة الأسرة:
احرصا على الاهتمام بالأبناء وافتحا لهم المجال يقرقشوا بالجوار فقط في بيوت الأهل والجيران لمدة لا تزيد على ساعة واحدة فقط عصراً قبل ليلة المناسبة، وأن تقتصرا في توزيع البركة عليهم بالفول السوداني «السكسبال» الطازج والمحمص لنحافظ على صحتهم وتراث المناسبة من جهة أخرى، وأن يخرج لها فقط الصبيان والبنات اللاتي لم يبلغن مبالغ النساء.

أما من بلغن التكليف الشرعي والسيدات المربيات الفاضلات فأقول لهن: مكانكن أجل وأسمى من أن تزاحمن الرجال والصبيان، بل أتمنى من كل سيدة فاضلة في ليلة الناصفة أن تقسم وقتها ثلاثاً، الأول زيارة الأهل لتقديم التهنئة، والثاني الحضور مع بناتها مجالس أهل البيت النسائية لتقديم التهنئة لهم  والفوز بالأجر والثواب والحصول على الجوائز والكوبونات، والثالث إحياء الليل بالعبادة فهي ليله عبادة شريفة كما تعلمن أيتهن الكريمات الفاضلات، والكلام نفسه للإخوة الرجال قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾.

وأقول للإخوة الشباب المتطوع لنصب البوابات وطاولات الضيافة بالطرقات:
جهودكم مشكورة طيلة السنوات الماضية، وأرجو أن ترفعوها وتنسقوا جهودكم لدعم المجالس والمراكز الثقافية لاستقطاب الشباب في ليلة مولد إمامهم، وكما ورد عن الإمام الرضا: ﴿من جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب﴾.

وهذا لا يتأتى وأنتم منشغلون مع الناس بتزيّن المداخل وتقديم الطعام، وبمعنى أشمل علينا أن نهتم في هذه الليلة المباركة بالفرد كروح ونسعى لتجنيبه الأضرار والضغوط والأمراض.

وتعلمون حفظكم الله أن عدد من أبناء مجتمعكم يعملون بأعمالهم ومصدر رزقهم بنظام الورديات بالمصانع والمستشفيات والحراسات الأمنية (السكورتية)، وكذلك من يعمل بالمستشفيات من كوادرنا الصحية لذا يخرجون بالمساء ويواجهون شديد الازدحام في طريقهم لمقار أعمالهم، ناهيك لو حصل طارئ لأحدٍ في بيته لا قدر الله أو أراد نقل حالة ولادة أو مصاب أو فاقد للوعي لكنتم أنتم المسؤولون أمام الله عز وجل عن أي ضرر أو هلاك يحل به، أو تأخير وصول المساعدة له كعربات الإسعاف أو مركبات الإطفاء، وأخيراً تأخير خطباء خدمة مجالس أهل البيت في الوصول إليها أمر واضح يحرجنا مع أئمتنا – صلوات الله وسلامه عليهم – ليالي مناسباتهم.

وأقول للإخوة: خدمة المجالس والحسينيات والمراكز الثقافية الرجالية منها والنسائية:

اعملوا بارك الله فيكم على تعميم الاحتفالات ليلة الناصفة وإقامة المدائح والإنشاد والمسابقات حول حياة الإمام صاحب الذكرى ورصد الجوائز القيمة المدعومة لجلب فئات المجتمع ليستقوا من نمير آل محمد ﷺ واستقطاب المتبرعين من أهل الخبرة كأخصائيي التغذية من أبنائكم لتقديم النصح والإشراف على انتقاء وتجهيز وجبات البركة في هذه المناسبات وفق معايير صحية وشرعية سليمة لتوزيعها على الحضور آخر الفقرات، مع تطبيق ومراعاة جميع إجراءات السلامة والتباعد الاجتماعي المطلوب والعدد المحدد، ولا بأس بالمجالس المحلية والعائلية ، والمؤمنون لن يقصروا بالتجاوب والدعم إن شاء الله.

وأخيراً أقول لأبنائنا الكرام هواة ركوب الدراجات النارية والسيارات الشبابية:

أنتم تريدون أن تظهروا فرحتكم ومشاركتكم مجتمعكم مناسبة مولد إمامكم، فتفضلوا في المجالس باركوا لنبيكم صلى الله عليه وآله كما تفضلتم وعزيتموه في مصاب عاشوراء الحسين  بحضور المجالس وليس بقيادة الدراجة أو المركبة الجميلة، وفقكم الله لكل خير، روي عن الإمام الصادق  أنَّه قال: ﴿رحم الله شيعتنا خُلِقوا من فاضل طينتنا وعُجنوا بماء ولايتنا، يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا﴾.

ونظموا لكم عدة ليالٍ وأيام لممارسة هذه الرياضة الجميلة بعيداً عن ليالي مناسبات أئمتكم، آبائي وأخواني أكيد أنكم تمونون عليهم فلا تقصروا بالنصح وطلب التغيير، فاليد الواحدة لا تصفق كما يقولون.

دراجاتهم النارية صوت هادئ وعدد قليل ولا يروعون صغيراً أو كبيراً.

بارك الله لكم هذه المناسبات وأعادكم على أمثالها بكل خير وصحة وبلاغ حسن يا رب العالمين.

أشكر حسن اهتمام الجميع وأختم بقول العلي العظيم: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ﴾.



error: المحتوي محمي