اهتم الإسلام بفئة الشباب اهتمامًا بالغًا، ولذا ورد عن أهل البيت عليهم السلام الكثير من الروايات التي تحث على استثمار فئة الشباب فيما يسهم في بناء المجتمع الإسلامي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “أوصيكم بالشباب خيراً فإنهم أرق أفئدة إن الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبان وخالفني الشيوخ” (1).
سأل الإمام جعفر الصادق ذات يوم تلميذه محمد بن النعمان المعروف بمؤمن الطاق وكانت مهمته نشر تعاليم الإسلام ومعارف أهل البيت عليهم السلام، سأله الإمام ذات يوم: كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الأمر ودخولهم فيه؟ فأجاب قائلاً: والله إنهم لقليل. فقال الإمام الصادق: «عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير» (2).
مميزات سن الشباب
يمتاز سن الشباب على مراحل العمر الأخرى بمزايا أساسية توفر له أهلية خاصة في مشاريع التغيير والتنمية، منها الطاقة والحيوية المتجددة والمتفجرة والتفاعلية مع المتغيرات والأحداث، وعلو الهمة والقدرة على العطاء البدني والعقلي، والطموح المتجدد والكبير وعدم الاستسلام واليأس، وحب المغامرة ومواجهة التحديات وعدم الخوف، والقدرة على التطوير والتطور. (3).
علي الأكبر قدوة الشباب
كل إنسان لابد له من قدوة يقتفي أثرها ويهتدي بهداها ويستضيء بنورها ويسير في ركبها. فهو من دون قدوة صالحة تائه يجهل طريقه ومبادئه. كما أن وجود القدوة في حياة الشباب تعتبرُ سببًا لحفظ الطاقات واستثمارها فيما يخدم مصلحة المجتمع، والانطلاق به نحو التقدم والرقي.
وهكذا كان الشاب علي الأكبر (عليه السلام) خير قدوة للشباب الواعي وهذا ما نستنتجه من الحوار الذي دار بين علي الأكبر والإمام الحسين (عليه السلام) في مسيرتهم إلى كربلاء:
فقال علي الأكبر: يَا أَبَهَ! لاَ أَرَاكَ اللَهُ سُوءاً! أَلَسْنَا على الحَقِّ؟!
قال الإمام الحسين (عليه السلام): بَلَى وَالَّذِي إلَيهِ مَرْجِعُ العِبَادِ!
قال: فَإنَّنَا إذاً لاَ نُبالي أَنْ نَمُوتَ مُحِقِّينَ!(4)
ومن هذه الحادثة أقتطف لكم بعض عناصر النجاح:
تشخيص الهدف
وأعني به القدرة على تشخيص الحق، ولأن علي الأكبر كان على قدر كبير من العلم والمعرفة وهذا أهله لأن يشخص الحق (الهدف) ويتجه نحوه ويتمحور حوله.
وهذا يعني أن كل من يسعى للنجاح ينبغي عليه أن يكون عارفاً بهدفه، ويسعى نحوه بكل جدية.
الثقة بالنفس
ما هي الثقة بالنفس؟
إنها تعني أن تتحلى بهذه الصفات أو بعضها؛ التحلي بالصمود، وتنزيه النفس عن الآثام، والقناعة، ومعرفة الذات، وفهم المكانة المعنوية، والتصديق الذاتي، والتعبير عن الارتياح، والقدرة على التحقق الذاتي، والاعتدال في التعبير عن الشخصية.
وهكذا هي شخصية علي الأكبر فقد كان على ثقة عالية وصمود راسخ ومعرفة ذاتية بمؤهلاته، ولهذا فقد وظف هذه الثقة في خدمة الإمام الحسين (عليه السلام).
وهكذا ينبغي للشباب أن يثقوا بأنفسهم ليحققوا النجاح في حياتهم.
الحماس الحكيم
الحماس هو القوة الدافعة التي تساعدنا على تحقيق أهدافنا، كما أنه الطريق المؤدي إلى القوة المشتعلة التي تفجر الطاقات اللامحدودة.
لم يكن علي الأكبر شابًا مندفعًا بلا وعي، ولم يكن حماسه حماسًا عاطفيًا، بل كان حماسًا واعيًا حكيمًا، استثمره في نصرة سيد الشهداء (عليه السلام).
الدور الحيوي
إن الشباب هم عنصر الحيوية والعطاء في الأمة والمجتمع، ولذلك فهم طليعة التغيير ورواد كل جديد.
وكذلك فإن الشباب الواعي لا يقف متفرجًا بل يسهم في رسم خريطة التغيير، وبناء واقع أفضل للمجتمع.
وهكذا كان علي الأكبر قدوة للشباب الذين يطمحون لبناء مجتمع أفضل، وذلك من خلال تمسكهم بدينهم، ووعيهم بمتطلبات عصرهم.
الهوامش:
1/ فريد: مرتضى، روايات من مدرسة أهل البيت ج 1 ص 349.
2/ الكافي ج8 ص79.
3/ 4/ الأستاذ جواد الحمد / مدير مركز دراسات الشرق الأوسط – صحيفة السبيل اليومية – 22/5/2011.
4/ نفس المهموم، ص 122 و 123.