ليتني لم أتزوج ابنة عمي

منذ أن أدخلتْ وزارة الصحة برنامج الفحص المبكر للمقبلين على الزواج في عام ١٤٢٥ هـ، لاحظنا انخفاض مستوى الإصابة بأمراض فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، فجزى الله من أوجد هذا البرنامج خيراً، فقد أنقذ الكثير من الناس، وبدأت بعض الأمراض تختفي بشكل تدريجي.

ويظلّ الزواج الاغترابي أفضل بكثير من الزواج اللحمي، لما فيه من توخي الحيطة والحذر من ظهور أمراض غير معروفة أو لم يتمّ تشخيصها أو إدراجها من ضمن قائمة الأمراض في برنامج الفحص قبل الزواج.

ومن وجهة نظر اجتماعية، يُعدّ الابتعاد عن زواج الأقارب حماية للأسرة من نشوب خلافات قد تؤدي إلى قطيعة الأرحام التي أوصى الله تعالى بوصلها، فضلاً عن تضييق مساحة النسب وحصرها في شجرة عائلية واحدة.

ومما يوجب الأخذ بالحسبان نظرة كل من الأسرتين – المتصلتين نسباً – للزواج، وملاحظة مدى العلاقة الحسنة، والودّ القائم بينهما الذي يأتي في المقام الأول.

وتجدر الإشارة هنا إلى نجاح الكثير من الزيجات بين الأقارب الذين ينتفي وجود أيّ أمراض مشتركة بينهم، بل توجد صفات جمالية وراثية وأخرى ذكائية تنامت وامتدت للفروع فظهرت بأبهى صورة، مما يخفف حدّة القلق من الارتباط بالأقرباء.

ولا يخفينا سرًّا جهل بعض الأسر خطورة إتمام زيجاتٍ قد أعطى برنامج فحص الزواج رأيه فيها بالرفض وذلك لظهور اعتلالات وراثية، فكان إتمام الزواج ضربًا من الجنون، واتّخذ طابع الأنانية عند الزوجين، ثمّ أصبح بعد مرور بضعة أعوامٍ حملًا ثقيلا على أهله.

وكم من الأزواج ندبوا حظهم العاثر بعد زواجهم عندما لاحت في حياتهم الزوجيّة أمراضٌ كانت في طيّ الكتمان الوراثي، فأينعت فروعًا باهتة ضعيفة سرعان ما ذبلت أو انكسرت.

وكم سجّل المشهد الاجتماعي الكثير من مرارة الحسرة والشعور بالندم المرّ عند أزواجٍ ربطتهم علاقة حبّ ببنات أعمامهم أو بنات خالاتهم وأتموا إجراءات الزواج بالرغم من خطورتها.

قبل الزواج لتدرك جيدًا ما يردده العلم: أنت تُشارك أخاك وأختك في نصف عدد الموروثات، وتشارك أعمامك وأخوالك في ربعها، أما أبناء أعمامك وعماتك وخالاتك فلهم نصيب الثمن.

فربما كانت لديك صفات متنحية كانت تبحث عن مثيلها المتنحي فيكون اجتماعهما اجتماعًا كارثيًا بالزواج، وينتهي بك المطاف قائلًا: ليتني لم أتزوج بابنة عمي.



error: المحتوي محمي