جرّب أن تزور عين الصالحية الواقعة غرب بلدة العوامية، أن تجعلها مقصدك السياحي لمنطقة أثرية سورتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كواحدة من آثار محافظة القطيف، وحتمًا ستتعثر عيناك قبل قدميك بأكوام من النفايات، والأنقاض، وكأنك تتجه ناحية خربة عفا عليها الزمن ولم يعفُ عنها العابثون، فخربشوا جمالها بمخلفات لم يكن هذا المكان هو المقر الأفضل للانتهاء إليه بكل تأكيد، فطريقه أقرب ما يكون إلى أرض مخصصة لجمع المخلفات على اختلاف أنواعها.
وعوضًا أن تجول ببصرك في صرح أثري يحافظ على جماله، سيصدمك منظر هضاب متفرقة من أوساخ تراكمت فوق بعضها، فما عاد المكان صالحًا للراغبين بالتجول فيه أو التقاط صور له كأحد المعالم الأثرية في العوامية، حتى إنه لا يمثل أي انعكاس جميل في صوره، فهو لا يشبه أي موقع أثري آخر في أي منطقة من مناطق المملكة، سيما أن المملكة أولت المواقع الأثرية الممتدة في خارطة الوطن اهتمامًا واضحًا يحقق الرؤية الطموحة 2030، وبقيت “الصالحية” تقف أمام أخوتها من الآثار بهيئة رثة، وكأنها تتساءل عن حالها: من المسؤول عما آل إليه حالي؟
وعلقت الهيئة لوحة تتصدر سور العين، كتب عليها: “تحذير (منطقة آثار)، يحظر التعدي عليها تحت طائلة العقوبات الواردة بنظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 3، وتاريخ 9 / 1 / 1436هـ”، ويبدو أن ضعاف النفوس لم يعتبروا رمي مخلفاتهم نوعًا من أنواع التعدي على تلك المنطقة الأثرية.
وأضافت الهيئة لوحةً أخرى عرّفت فيها العين بـ”عين الصالحية، من عيون القطيف الغربية وتنسب العين إلى المنطقة الواقعة فيها (الصالحية)، والتي كانت تسقي نخيلها ومزارعها، تأخذ الشكل الدائري كأغلب عيون المنطقة، شيد على نبع العين سور مبني من الأحجار والطين ومليس من الداخل والخارج، قطره يبلغ أكثر من 9م وارتفاع 12م لحماية العين، وملحق بالعين عدد أربعة أبراج لتنظيف مجرى العين”.
وتبقى من أبراج العين قناتان فقط، وتقع بالقرب منها مجموعة عيون أثرية، يتشابه النظام فيها جميعًا مع نظام الفترة الساسانية، إلا أنه من غير المرجح إن كان الساسانيون قد نقلوا هذا النظام من بلاد فارس إلى المنطقة أو العكس، بحسب ما أكده باحثون ومهتمون بالآثار والتاريخ.