هروبك من نفسك إلى الضجيج الخارجي غير السليم لربما يقتل الأفكار التي لا يعلم بها سِواك، حيث نماذج الضجيج متنوعة، أحيانًا أريد الهروب إلى أصدقاء هدفهم الثرثرة وأحيانًا أريد الهروب من كياني إلى قصص وأفلام مسروقة من اقتباس أجنبي وأعود لها مرة ثانية وثالثة وأشاهد هذه القصص غير الهادفة عدة مرات.. فنحن نخدع أنفسنا بالهروب من الارتباك الداخلي في النفس إلى محطات غير صحيحة.
أجمل هروب إلى محطة في علاج النفس والإبداع هو “العزلة” ليس الدخول في التلوث الخارجي مع ناس همهم الكلام في الثرثرة ومعرفة ماذا يفعل جاره ومتابعة قصص مزيفة أو ربما الهروب إلى مواقع التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع خاصة في “تيك توك”. فتيل الإبداع من الأفكار اشتعل من أشخاص في حالة العزلة مما طور عالمنا بالازدهار والتطور واستعرض شخصيات توقفت في استراحة الانعزال التي كان أنعكاسها إيجابيًا على المجتمع.
من النماذج الناجحة في الهروب من الضجيج النفسي إلى العزلة هو العالم إسحاق نيوتن عندما قام بعزل نفسه عن المجتمع الخارجي في غرفته الصغيرة، استطاع اكتشاف نظريات مهمة في عالم البصريات وذلك بسبب ثقب في غرفته يمر من خلاله شعاع الشمس. فمن هذا الثَّقب في الغرفة طور تجارِب منشورات الضوء. فكانت فترة العزلة بالنسبة إلى نيوتن ثورة علمية في زيادة كنوز المعرفة للعالم، وأيضًا عزلته الأولى سقوط التفاحة من الشجرة كان لهذه العزلة تطور قوانين الرياضيات في التفاضل والتكامل وثورة علم الفيزياء من قوانين التسارع للأجسام.
بينما عبقري الكون ألبرت أينشتاين يصرح بأن أفضل طريقة للتركيز ومعرفة الأشياء الصحيحة ومعالجتها هو قضاء الوقت بمفردك في عزلة، حينها سوف تنطلق إلى عنان النجاح، حيث إن أينشتاين عاش حياة صعبة يتنقل بين البلدان دون هوية جنسية وطنية ولا ينتمى إلى بلد معين. فكان دائمًا ينعزل بفرده من التجول في الجبال الهادئة دون الانعزال. لم يكن أينشتاين يقدح شرارة الإبداع والمستوى الخارق ويغير مفاهيم البشر كليًا في النظرية النسبية الخاصة والعامة.
من تجربتي على المستوى الشخصي، في بعض زياراتي إلى المجالس أجد نفسي فاقد الهوية معهم حيث إن همهم الكلام في مواضيع لا تسمن ولا تغني من جوع محتواها مضيعة الوقت ولا تناسب الوقت والمكان، فينبغي الجلوس مع النفس وإعادة الحسابات من اختيار المكان المناسب والشخص المناسب.
بساطة الكلام، العزلة لربما تساعدنا في تعزيز الإبداع والإبحار في محيط الإبداع حيث إن إطلاق عنان التفكير وقدح زناد النجاح يأتي من العزلة بين الشخص ونفسه حتى يستطيع إدخال طبخة في فرن العقول وإخراجها إلى المجتمع في سخونتها الفكرية والعبقرية، بينما الانعزال التام لربما يربك الشخص، فخير الأمور أوسطها مخالطة المجتمع المناسب وأخذ بعض فترات الجلوس مع النفس.