تأملات مائية (1)

1. لا تلمني إذا تشدقت مرارًا، بأن السعادة الغامرة هي “إكسير” الحياة ولذتها الآسرة، وعكسها التعاسة البغيضة، إذ هي بمثابة ماء عكر، يعاف وروده الإنسان المتحضر بطبعه، مع أن الماء أصل الحياة، ومداد قوامها النابض!

2. عاملني بالصدق وأمانة، لأكشف لك خبايا نفسي بأريحية وشفافية، لأن الصادق الأمين يأنف قول الكذب بطبعه، ويمقت مسلسلات التجديف المزيف في الماء الضحل، ومثله الصدوع “بالفبركة” المضللة في رابعة النهار، حيث لا تسترها أشعة الشمس الكاشفة، ولا يداريها عصف الرياح الشديدة!

3. ليتني أعلم بمتاعب ومصائب المستقبل المتوارية المستترة مسبقًا، لأرتب برنامجًا مدروسًا، وأعد أجندة مثلى، يأخذان بيدي الحائرة القصيرة لحياة سعيدة فضلى، خالية من الضغوطات النفسية، وسالمة من الإخفاقات المتكررة، وناجية من مغبات الإفلاس الموجعة، عند لحظات الارتطام المشوه “بمطبات” الحياة الشائكة، والوقوع المؤلم في أحضانها البشعة!

4. الحب “الرومانسي”، والحب الصادق يبدو أنهما توأمان متماثلان، شكلًا ومظهرًا، فالأول يتألق في أصيص بلاستيكي فاخر، يظل بريقه المؤقت جاذبًا ما دام الأصيص عينه يحظى بعناية وقتية قائمة، لبلوغ شهوة منتظرة، أو تحقيق متعة عابرة. أما الحب السرمدي الصادق، فلا تغيره صروف الحياة، ولا تبدله نكبات الدهر، ما انفك الدم الساخن يجري بحرية دافقة في امتداد أعماق العروق!

5. الغضب السريع المتكرر. مثله كمثل كرع الماء البارد، وعبه دفعة واحدة، مع حبس الأنفاس، ونقيضه رشف كأس دهاق من الماء الزلال جرعة، جرعة، لكسب المزيد من شهقات الأكسجين النقية، والتقاط الكثير من جرعات “الأوزون” الشافية في الصباح الباكر، ليتغلغل مفعولهما العلاجي الساحر، بسلاسة ونقاء، في ثنايا ومنحنيات تلافيف الفكر الحاضر، لنهنأ مجددًا بكم وافر من هنيهات التأمل النشط، ونحظى بفيض غامر من لحظات التعامل الحسن مع مختلف مواقف الحياة اليومية المعاشة، أما أسلوبا الكرع واللعب البشعين. فإنهما ينمان عن هشاشة ملحوظة، ويشيران إلى إقلال أخرق في تعاملنا الأوسع مع الشخوص المحترمة، وتفاعلنا الأنجع مع مختلف المواقف والمحطات والمحافل “الحياتية” الطارئة، أينما حللنا.



error: المحتوي محمي