نخيلنا ثروة وطنية وازنة

لعلّ خبر منع زراعة النخيل في المشروعات المستقبلية للحدائق أو الشوارع، هو ممّا تصدّر العناوين الرئيسية في بعض صحفنا المطبوعة والإلكترونية قبل أسبوع تقريبًا.

وليس غريبًا أن يكون عنوان خبر مثل هذا هو ممّا أثار فضول الكثيرين كما استفزّهم في الوقت ذاته، فالنخلة هي ثروتنا الخضراء وسعفاتها الوارفة بالجمال أو الظلال مطبوعة في أنسجتنا ووعينا إلى حدّ إطلاق المعنى.

لكنّ العنوان يبقى بوابة أولى لا تغني عن مقاربة تفاصيل المحتوى الرئيس، حيث تكتمل الصورة التي تبين أنّ هذا الإجراء يأتي ضمن برامج الوقاية المستمرة التي تهتم بالنخلة كشجرة تاريخها في هذه الأرض الكريمة آلاف السنين، ونظرًا لما يتعرض له النخيل من آفات زراعية ضارّة، يتقرر حماية هذه الثروة التي تتشابك سعافاتها في حقول النخيل حين تدوير زوايا الصورة عبر المساقط العلوية الأخّاذة، التي توفرها وسائل التصوير الرقمي الحديث في هذا العصر بجودة وجمالية ساحرة.

وأكثر أنواع الآفات الزراعية فتكًا بالنخلة في السنوات الأخيرة، تأتي سوسة النخيل الحمراء كأخطر الآفات في آثارها التدميرية الفاتكة بالشجرة، وكذلك في سرعة انتشارها وتنقّلها من موقع إلى آخر.

هذه الآفة الكريهة المنظر والبغيضة بآثارها، منذ قدومها قبل ما يقارب العقدين، وهي تساهم في تقليص عدد أشجار النخيل إلى درجة نافست الزحف العمراني على بعض واحات النخيل.

وفي الوقت الذي نتفاءل بوجود وسائل حديثة لإكثار النخيل، مثل إكثار النخيل بواسطة الزراعة النسيجية التي تحقق نتائج ممتازة، حيث يمكن لأشجار نخيلها أن تنتج ثمارًا بجودة أصولها، ضمن اهتمامات الهندسة النسيجية في الزراعة، لكنّ من جهة أخرى قد تأتي سوسة نخيل حمراء وتقضي على مساحات كبيرة من المزارع، نظرًا لدورة الحياة السريعة التي يمر بها هذا النوع من الحشرات الخطيرة.

إن إنتاج التمور في بلادنا يمكن أن يتحول إلى مورد اقتصادي رئيسي، ما دامت هذه المواكبة والعناية بالنخلة وثمارها، ومع أنّ هناك من يشكو من دخول بعض صور التلاعب في طرق عرض التمور، عبر ما يتم تداوله أحيانًا بدخول وسائل تعديل لون التمور لدى بعض مصانع منتجي التمور، بإدخال أجهزة تعمل بتقنية الليزر لهذا الغرض، خاصة مع دخول الوافدين في كثير من محطات الإنتاج والتسويق للتمور، ممّا يمكننا أن نجد إجابة عن حقيقة هذا التداول، لدى هيئة الغذاء والدواء ووزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة التجارة والصناعة، والجهات التي تشرف على بعض هذه الشؤون مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية.

إن توصية اللجنة الدائمة المعنية بالوقاية من سوسة النخيل الحمراء في السعودية، بِحَثّ أمانات المناطق ومتابعة المقاولين على عدم زراعة أشجار النخيل في الحدائق والطرق، هي ركيزة أساسية تتصلّ بخطط الحماية والرعاية لثرواتنا الخضراء، التي تعمل -إضافة إلى أهدافها الاقتصادية والاجتماعية- على تحقيق مكونات التوازن البيئي التي تحتاج جهودًا عملاقة وإستراتيجيات مستدامة، للحفاظ على جميع المكتسبات البيئية الوطنية.


المصدر: آراء سعودية



error: المحتوي محمي