قدر المشتغلين بالشأن الاجتماعي أن توجه عليهم السهام من كل حدب وصوب حتى قبل خوضهم المعترك الذي يريدون فيه أن يقدموا ما يستطيعون لخدمة بلدهم وأهليهم.
قدرهم أن يتصدوا للعطاء ويكونوا أكباش فداء، وهم يعلمون أنهم مقدمون على خوض معركة لا ترحم، ولا فرق بين مبتدئ وخبير أو كبير وصغير، فهناك من ينتظر على قارعة الطريق متسلحاً بأعتى أسلحة الانتقاد وصنوف أدوات التسقيط والتسخيف، ولا يهمه غير النبز في هذا واللمز في ذاك ولن يهدأ له بال حتى ينتصر ولو انطبقت السماء على الأرض.
لم يسلم مشتغل في جمعية خيرية ولا في نادٍ رياضي ولا لجان إصلاح ولا لجان أهلية نذرت نفسها للآخرين.
ولا ندري ما الذي يدفع على التهجم على من يتقدموا ليقدموا المعروف ويبذلوا وقتهم وجهدهم ومالهم في سبيل خدمة لا يرجون من وراءها سوى إسعاد الغير وثواب الله عز وجل.
والغريب أن أغلب المنتقدين لم يخوضوا غمار التجربة بل ليست لديهم الجرأة للتصدي لهذه الأعمال الخيرية وأكثر من ذلك هم في غالبهم لا يملكون ما يؤهلهم لأن يكونوا منتقدين لافتقارهم للحجة والبرهان والدليل.
بل هناك ما هو أغرب حين تجد سابقاً بالخدمة ينتقد لاحقاً وينسب لنفسه فضل من أسس وبنى وقدم وأن من ينجح بعده هو بفضلٍ منه وبما تركه ليسير عليه سلفه، هذا فضلاً عن أن كل ما يجري بعده لا يعجبه ويحاول إسقاطه بما لا يرضاه على نفسه.
الحقيقة مرة والعمل الاجتماعي أصبح عقدة وهو ما يجعل الكثير من الشباب يترددون في الانخراط فيه بل يهربون رغم أهليتهم والتي من شأنها أن تحدث التغيير والارتقاء لما هو أفضل، ولا ننكر أن هناك طاقات وقادة من متقدمي الأعمار وهم يواكبون الحدث ومطلعون على الجديد ويطورون أنفسهم ويحدثون قدراتهم ولكنهم ليسوا بطاقة وحماس وقدرة الشباب المتلهف لأن يكونوا عناصر فاعلة وعاملة في خدمة المجتمعات.
لهذا نقول إنه يمكن الاستفادة من جميع الوجوه شريطة أن يترك المجال للشباب وتدريبهم وتحفيزهم وتشجيعهم والدفع بهم للأمام بدعم ومساندة ممن هم أقدم منهم حتى يتمكنوا من قيادة السفينة وتكملة المسير.
يجب ألا يتوقف الزمن عند أحد بعينه وألا يظن هذا الأحد أنه وحيد زمانه، فلا بد أن تعطى الفرص لمن يستحقها ويستطيع إدارة الدفة باقتدار والإبداع وإحداث التغيير، وألا يقف أحدٌ موقف العقبة الكأداء ويعرقل عمل الآخرين بانتقادات واهية وتهريج لا معنى له هنا وهناك بغرض إسقاط الآخرين لا لشيء سوى القول بأن الأفضلية له أو لهم، وليسقط البنيان عاليه على سافله.