أتمنى أن يقرأ الأستاذ الكاتب فهد بن عامر الأحمدي هذه الخاطرة – تعليقًا متأخرًا – على مقالة كتبها في جريدة الرّياض بعنوان: بمن تقارن نفسك؟ في عددها المنشور على الموقع بتاريخ الأربعاء ١١ محرم ١٤٣٨هـ – ١٢ أكتوبر ٢٠١٦م، لكي يتأكد أن تجارب البشر تتشابه إلى حدّ التطابق في كثيرٍ من الأحايين. وأن كل من يهم بعمل غير معتاد ينقسم الناس من حوله إلى ثلاث شعب؛ شعبة يضعون الأحجارَ في الطريق، وشعبة يكنسونَ الأحجار، والشعبة الأكبر يتفرجون على واضعي وكنّاس الأحجار.
لم تحن الفرصة بعد لأطبع كتاباً أو أكتب في صحيفةٍ كبرى، وربما لن أحظَ بمثل هذه التجارب الرائعة لأنني وبكل أمانة لا أكتب مادة تستحق أن تشغل حيزًا من الفراغ، فوق رفوف مكتبة مثقف، فكتاباتي هي خواطر وتجارب حياتي في ٦٠ عاماً أكتبها لأولادي وبناتي وأنشرها في المواقع المحلية. ولا ترقى بأي حالٍ من الأحوال إلى جمال وروعة كتابات الأستاذ أو غيره.
عندما قررت ترك العمل وشؤون هندسة النفط باكرًا يوم ١/١/ ٢٠١٧م، بعد نحو ستّة وثلاثين سنة بين دراسةٍ وعمل، وعدت أصدقائي بكتابة بعض تجاربي في خواطر أسميتها: في الستّين، لأنني – تقريبًا – من مواليد أول الستينات وابتدأت كتابة هذه الخواطر وأنا أحوم وأقترب من الستين سنة.
كانت تجربةً فريدة، فعندما كتبت أولَ خاطرة أرسلتها لبناتي وزوجتي فقرأنها وكدن أن يطرن فرحاً بها، وأصرّرن على أن أنشئ مدونةً خاصة بي ليقرأ هذه الخواطر الرائعة – في رأيهن – أكبر عدد من النّاس. تناقصت رغبتهن بعد عدة خواطر شيئاً فشيئاً، والآن لا أظن أنهن يفتحن رابطَ الخاطرة والاطلاع على ما فيها. ناهيك عن باقي الأقارب الذين قد لا يزيد عددهم على اثنين أو ثلاثة، هم من ينشرونها ويهتمون بها. وأكثر ما في التجربة من غرابة هو لوم بعض القراء لي على الكتابة بشكلٍ شبه يومي، مع أنهم لا يقرؤون هذه الخواطر وبإمكانهم تجاهلها إن أرادوا!
في فترة وجيزة نسبيًّا أيقنت أنّنا كلنا “أولاد لطيفة”. وبعد نحو ٨٠٠ من هذه الخواطر والمقالات القصيرة لم يبق من العائلة إلا القليل يقرأها، مع أنني لا أزال أجد من غيرهم من يخبرني كلما التقيتهم عن آخر خاطرة كتبتها. ولم يبق إلا أن أقارن نفسي بنفسي كلّ يوم، وألاحظ كيف تتطور وتتغير أفكاري، وأنتقل من فكرةٍ ومن عنوانٍ إلى آخر كما تنتقل النحلاتُ بين الزهور راغبًا في جذب أولئك القلّة الذين يجدون في العسل الغذاءَ والدواء، وبروحٍ رياضيّة لا يزعجني الزاهدون فيه.