الطلاق حدث مشروع في مشوار حياة لشريكين، يحدث بعد أن يقرر الزوج والزوجة أو أحدهما عدم الرغبة في استكمال بقية الحياة بمعية الطرف الآخر، لسنا في محض مناقشة حيثيات هذا القرار وتداعياته على مستوى الأسرة، خاصة إذا كانت هذه العلاقة أثمرت من الأبناء الذين هم الطرف الأقرب للتأثر من هذا الإجراء، لأنهم امتداد أبدي لشجرة الوالدين التي من المفترض أنها تمدهم بمخزون من الطاقة لمواصلة الحياة بجميع مراحلها، وهم في صحة نفسية متّزنة وكفيلة بأن تجعل منهم أرضا مثمرة ولبنة بناء لمجتمع أوسع وبعيدة عن العقد والأمراض النفسية التي لها أثر عليهم وعلى مجتمعهم.
على أيّة حال، ما سنتطرق له من خلال هذه السطور، أيضا له علاقة بالصحة النفسية للأبناء وللعوائل الممتدة أيضا، لأننا ما زلنا مجتمعا يخضع لدائرة الترابط ولا يمكننا فصل أفراده عن بعضهم البعض، حتى وإن ادعينا أننا نحاكي مجتمعات أخرى تجعل من الفرد منفصلا عن امتداده العائلي والمجتمعي، بحجة الاستقلالية، حتى في ممارسة ما يلحق الأذى بغيره، بطريقة أو بأخرى.
من المشاهدات غير السويّة وغير المستساغة، التي أصبحت محط متابعة لرواد منصات التواصل الاجتماعي، ربط بعض الأفراد حياتهم الخاصة بقنوات التواصل الاجتماعي، ويمكننا وصف ذلك بقمة الضمور الأخلاقي واتزان الضمير، فنجد الزوجين أو أحدهما قد اتخذ منصاته الإلكترونية وجعل منها واجهة تضج بالزعيق والتنمر والتذمر من شريك حياته، وتحولت قضية الخلاف الأسري إلى فيلم سينمائي متعدد المشاهد الركيكة والحبكة المتصدعة، فالزوج يتفنن في لفت انتباه المتابعين بمقاطع فيديو أو منشورات كتابية ليقلب الطاولة على الطرف الآخر ألّا وهي الزوجة.
وفي المقابل تقوم الزوجة بركل تلك الطاولة لتقذفها في ساحة الزوج وتُنَقِّي صورتها، وتركل بدستور الارتباط الذي جمعهما في كومة من المعارك، وكل ذلك مصاحبا بمهارة نشر الغسيل المبلل بانعدام الحكمة وعدم مراعاة العشرة وانتهاك للستر الذي حثت عليه جميع الأديان السماوية والأخلاق الاجتماعية.
هل ستتحول منصات التواصل الاجتماعي لجهة مؤهلة لمعالجة مثل تلك المشكلات؟ وماذا يجني هؤلاء من هذا؟ وماذا سينهل من ذلك جيلٌ أصبحت منصات التواصل جزءا من يومه، وتكوين شخصيته؟
كما هو معلوم، في الصورة الطبيعية لمجتمعاتنا، تجد مثل هذه الخلافات طرقا ومنصات للاجتهاد في المعالجة وتسوية الخلاف، وأول تلك المنصات هم العائلة، كالاستعانة بأفراد من العائلة ممن يملكون الحكمة والرأي السديد ولهم من الخبرة في هذه الحياة ما تؤهلهم للسير في المسار الذي لا يظلم طرفا، ولدينا من الجهات واللجان الفاعلة، كلجنة إصلاح ذات البين، والإرشاد الأسري، وإن استعصت المهمة فهناك جهات رسمية تكفل للطرفين تحقق العدل وإنهاء النزاع مع إحقاق الحقوق.
سؤال يضج بالألم: هل سيختفي هذا المشهد أم أنه سيتنامى وسنصل لمراحل متقدمة في انعدام الوعي وغياب الحكمة؟.
المصدر: آراء سعودية.