فقدت محافظة القطيف، عصر أمس، أقدم عسكريٍّ فيها، برحيل العقيد المتقاعد سعيد الغانم الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى عن عمر ناهز الـ 80 عاماً. وشيّع الأهالي العقيد الغانم إلى مثواه الأخير في مقابر الخبّاقة غربي المدينة.
وينتمي العقيد الغانم إلى جيل العسكريين النظاميين الأوائل الذين التحقوا بالخدمة أوائل الستينيات، إبّان التطوير النوعي الذي شهدته وزارة الدفاع على يد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله. وكان من المشاركين في حرب 67 ضمن القوات السعودية.
ومن أوائل خرّيجي كلية الملك عبدالعزيز الحربية، حيث عُيّن، عام 1381 هـ، ملازماً ثانياً في الطائف، ثم انتقل إلى المنطقة الشرقية عام 1383هـ، ثم الى تبوك، ليشغل موقع «ضابط إشارة»، ثم ضابط تنفيذ. ومن تبوك ذهب إلى الأردن ضمن الجيش السعودي في القوات العربية المشتركة في حرب 1967م. وفي عام 1389 نُقل إلى قاعدة الملك عبدالعزيز بالظهران، ثم الى نجران عام 1392، حتى شهر رمضان من عام 1403، حيث تقاعد.
لكن سرعان ما فقد والده في سن الـ 16، ليتكفل به شقيقه الأكبر ويعتني برعايته حتى دخل الكلية الحربية. وعلى مدى 28 عاماً أدّى الغانم دوره الوطنيّ عبر السلك العسكريّ، وبعد تقاعده؛ حافظ على نشاطه الوطني والاجتماعي ليكون أحد وجوه القطيف المعروفة بالمواقف الوطنية.
ولم يذهب الفقيد بعد تقاعده وابتعاده عن الحياة العسكرية التي تتسم بالقسوة والانضباط الصارم إلى الخلود للراحة والانزواء أو للتوقف لأخذ استراحة محارب، بل فضّل أن يقضي بقية عمره في خدمة ابناء وطنه وقضاء حاجاتهم. ويؤكد عارفوه أنه كان دائم الحديث في مجلسه المفتوح عن هموم المجتمع وإنجاز بعض القضايا التي يمكنه تداولها مع أصحاب القرار لعلاجها ولايهدأ منزله من اتصالات أبناء مجتمعه لقضاء حوائجهم ليكون واحداً من الشخصيات المعنية بمباشرة الأمور.
كما حظي باحترام شديد من المسؤولين ومن أبناء المجتمع في المنطقة الشرقية، نظراً لما اتّسمت شخصيته من صرامة وحرص وانضباط ومعالجة القضايا بهدوء وروية وصدق. وعلى الرغم من انعكاس الشخصية العسكرية فيه؛ عُرف بالبساطة وسعة الصدر.
وبرحيله؛ تفقد محافظة القطيف واحداً من رجالاتها الوطنيين الذين أمضوا حياتهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم.