من طرائف ما قبل التقنيات الحديثة!

يحسب أبناءُ اليوم الاكتشافات والتقنيات الحديثة من أمورِ المسلمات، فهم وُلدوا والكثير منها موجود ولم يعانوا قبلها لكي يدركوا قيمتها وأهميّتها في حياتهم، ومن المؤكد أن من ولدوا في سنواتِ الستينات والسبعينات يعرفون جيِّدًا قيمة أبسط هذه الاكتشافات والابتكارات العلمية والمعاناة دونها. ومن زمن غابت فيه هذه التقنيات – في الثمانينات من القرن الماضي – أي قبل أربعين سنة احتفظت بالطرفة التالية:

طلب منا أحد الأساتذة في الجامعة كتابة بحثٍ في أحد المواد وتسليمه مطبوعًا بالآلةِ الكاتبة. لم يكن وقتها الحاسوب الشخصي ولا الطابعة المنزلية متوفرين، لذلك النساء يقمن بطباعة الأوراق على الآلةِ القديمة مقابل أجرة عمل. اتصلنا بامرأة وتواعدنا أن نأتيها في المساء. كان سكناها على تخومِ المدينة، في منطقةٍ ريفية، فاستعنّا بخارطة ورقية والوصف اللفظي ويمّمنا نحوها. وحين ظننا أننا وصلنا دار المرأة طرقنا الباب، فخرج رجلٌ في الظلام، كادَ أن يطلق النارَ علينا لأنه ظن أننا سرَّاقًا، اعتذرنا له وشرحنا له خطأنا، ثم شكرنا اللهَ أنه لم يقتلنا أو يؤذِنا!

ولأنه لم يكن الهاتف المحمول قد اكتشف – أو توفر بعد – واجهنا صعوبةً في الاتصال بالسيدة مرةً أخرى للتأكد من مكان سكناها. اكتشافٌ واحد كان ليغنينا عن كلِّ هذا العناء، هو الحاسوب الآلي والطابعة الفردية التي تتوفر الآن في كلِّ منزل ومكتب بمبلغ زهيد، كانت حلمًا في الثمانينات وفي بداية التسعينات، فضلًا عن الهاتف المحمول والخرائط الإلكترونية وغيرها من بدائع الاختراعات التي سهَّلت حياةَ البشر واختصرت عليهم المسافاتِ الزمانيّة والمكانيّة. وأجمل الاختراعات كانت الآلة الحاسبة حيث مكنتنا من حل الامتحانات الرياضية بسهولة كبيرة عما كان قبلها، ها هي الآن في جيوب الصغار والكبار!

حقًّا، ما يُؤسَف له أنَّ أكثرَ هذه الاختراعات – إن لم يكن كلها – جاءت من مكانٍ آخر، ولم يكن لعالم الشّرق ما يكفي منها ليسدّ رمق حاجاته الاستهلاكية، مع أنها – هذه الاختراعات – لا تمتنع على أمةٍ من الأمم متى ما أرادت السير فيها خطواتٍ نحو الأمام وإضافة لبِناتٍ في بناء العلم والتقدم، وشمرت عن سواعد البحث والعمل!



error: المحتوي محمي