ثُلَّةٌ من الأصدقاء الشبَّان في عمر الزواج فأحببت أن أدوّن لهم النصيحةَ التالية:
خاطبٌ ومخطوبة يحمل كلاهما أحلامًا جميلة، لابدّ أن يعرفا أنها سوف تصطدم بالواقع وعقباتِ الحياة. فإن ذلك الرجل مهما كان كاملًا مكمَّلًا سوف تختلف نسخته بعد الزواج عمَّا قبلها. وتلك المرأة المزيونة سوف تختلف نسختها بعد الزواجِ عمَّا قبلها. سوف تضع واقعيةُ الحياة جُدُرًا وعوائقَ أمام – بعض – الأحلام، إن لم يكن أمامَ أغلبها. فهل يجب أن يفاجأ الخاطب والمخطوبة؟
واقعية الحياة تفرض أن أيَّام الزواج سوف تتقلب بين الجيِّد والسيّئ، فليس إلا الحكمة والرويَّة وتوطين النفس على قبولِ ما يمكن قبوله ونسيان ما يمكن نسيانه، وتغيير ما يمكن تغييره. قد يبدو أنَّ أسرعَ الحلول عندما لا تتحقق معظم الأحلام هو “كسر الجرَّة” فلا يمكن إصلاحها، و”قطع العضو المصاب” أفضل من الكيّ، لكنَّ أسرعَ الحلول قد لا يكون أحلاها بل أشدّها مرارة. ولابد من إيجاد حلّ لا يعيد الأزواجَ لأرضِ الأحلام ولا يخرجهم من أرضً الواقعيّة والعقلانيّة.
تقول: إن مطلب الواقعية صعبٌ وغبيّ وغير مجدٍ وغير ممكن! لكن ماذا عن أنّه ممكن ويستحق المحاولةَ وإعطاء فرصة لتتغير الأحوال رأسًا على عقب للأفضل؟ في أغلب الحالات يسكن القرار في عقول الأزواج.
يعتبر الخبراء الاجتماعيون الحياة الزوجية شراكة بين شخصين، وهذا خطأ لأن كلَّ شراكة تقتضي المناصفةَ في المالِ والجهد والتعب ويأخذ كل شريكٍ نصفَ الأرباح. والأصح أن الزواج مساهمة يدفع كلُّ زوجٍ ١٠٠٪ من الجهدِ والتعب ويجني كلُّ زوج الربحَ كاملًا! ويا للغرابة، حين تخسر هذه المساهمة لا يخسر كل مساهم ٥٠٪ من رأسِ مالها بل ١٠٠٪.
إن هذه القسمة ليست ممكنة بالقلم والورقة أو الحاسوب؛ لأن الزواج هو ليس إلا معجزة ربانية جمع اللهُ فيها بين غريبين مختلفين في الطباع والخلفيات. والمعجزة تكمن في المسافةِ بين الأحلام – التي قد لا تتحقق – وبين الواقعيّة الممكنة مع الصبر والأناة. إذًا، إذا استطعتم أن تصنعوا من زواجكم جنائنَ وارفة الظلال فحبّذا، وإلا تعلموا كيف تعيشون فوق أرضِ الواقع المتقلِّب بين الخطأ والصواب والزَّعل والرِّضا والقبول والتغيير، فبذلك إن لم تحصلوا على السعادةِ كلَّها، لم تفتكم كلُّها!