رغم ما نسمع به من قصص قطيعة الرحم بين الإخوة والأخوات في المجتمع، إلا أنه سيبقى الأخ هو السند والعضد لأخيه.
ضرب فقيدنا الحاج علي بن حسين بن حسن الرمضان مثالًا على قوة رابطة الأخوّة حينما تكفل برعاية أخيه عادل الرمضان على مدى أكثر من 4 عقود.
بدأت قصة المرحوم الحاج علي بن حسين الرمضان منذ وفاة رب الأسرة قبل نحو أربعة عقود في عام (1980م)، حيث ترك فتى يتيمًا مبتلى ويعاني اضطرابات نفسية يدعى عادل، فاتجهت حينها عين أخيه علي نحوه خوفًا عليه، وسرعان ما احتضنه وكان له بمثابة الأب الحنون.
الحاج علي الذي نشأ في مدينة الدمام مع بدايات تأسيسها، لم يرزقه الله بأبناء وكان من الكادحين، حيث افتتح محلًا لبيع أدوات الخياطة في الدمام، وأصبح يتقاسم لقمة العيش مع أخيه ويعتني به دون كلل أو ملل، حتى في أقسى الظروف.
ورغم أن عادل الذي كان يصغر أخيه بعشر سنوات تقريبًا، كان يعاني مرضًا نفسيًا ويحتاج رعاية خاصة إلا أن أخاه كان يقوم بجميع شؤونه من مشتريات وأكل وعلاج يومي ومراجعة المستشفيات، وكان ذلك يتطلب جهدًا ووقتًا والتزامًا كبيرًا!
ورغم كل ذلك كان الحاج علي يقوم برعاية أخيه عادل حتى مع تقدمه بالعمر فكان يذهب سيرًا على الأقدام حيث إنه لم يتعلم قيادة السيارة، ومع كل ذلك لم يشتكِ يومًا أو يتذمر لأي أحد أو يقصّر.
لقد سخّر الله سبحانه وتعالى الأخ لأخيه لمدة 40 عامًا، إلى أن استرد أمانته ورحل الحاج عادل الرمضان الشهر الماضي، ثم رحل الحاج علي بعده بشهر واحد فقط، فقد أدى أمانته ورحل بهدوء يوم السبت الماضي مع بداية شهر رجب لعام 1442هـ (هنا).
وقضت المشيئة الإلهية بأن يرحل الأخ الأصغر ليلحق به الأخ الأكبر بعد أيام، وكأن الله سبحانه وتعالى سخّره لأخيه لمدة 4 عقود، وألحقه به بعد أن اطمأن أنه الآن بين يدي غفور رحيم، وما هو ملفت أنه تم دفن الأخوين في مقبرة جنة الشهداء بسيهات ليتجاورا في حياتهما ومماتهما.
هذه القصة لا يمكن اختزالها بعدة كلمات، فهي من قصص التضحيات التي تسطر بماء الذهب، كما أنها قصة إيثار أخوية وتضحية إنسانية قد تكون نادرة في عصرنا هذا المليء بقصص قطيعة الرحم التي ترد على مسامعنا، وكما يقال فالأخ هو السند والعضد، ولا تحلو الحياة إلا به، فلنحافظ على محبتنا وصلة أرحامنا.