نشر الفضائل الدينية والأخلاقية يرفع منسوب الحالة الإنسانية

أتعمد بين فترة وأخرى، حسب ما يصلني أو يقع بين يدي من موعظة أو ما شابه ذلك، من بعض النصوص الدينية أو بعض الحكم أو بعض الفضائل الأخلاقية، أو بعض التجارب الحياتية المفيدة والهادفة، بنشرها عبر المنصات الاجتماعية المختلفة، وهذا في الحقيقة قد يزيدني مخزوناً معرفياً، إذا قيس حسب الصعيد الشخصي.

وكذلك أهدف من وراء ذلك العمل، إلى إيصاله لشخص قريب أو بعيد، لعله بحاجة لهذا التوجيه من هذا النص الديني أو من هذه الحكمة الرشيدة والنافعة، أو بعض من هذه التجارب الحياتية المفيدة والفريدة، التي مرت علي من قبل، وتمر علينا، وسوف تمر على من بعدنا وهذه سنة الحياة، وهي في الأخير عبارة عن تجارب حياتية كونت هذا النتاج المعرفي والبشري.

وبهذا العمل البسيط، و ذات التكلفة البسيطة، قد يكسب من خلاله أموراً عديدة، منها أنك تؤجر من الله بالثواب العظيم، وكسب معرفة، وإصلاح أمر شخص ما، قد لا تعلم تكون أنت سبباً في إنقاذه من منزلق أخلاقي أو نفسي أو اجتماعي، وبهذا الدور الذي قد تراه أنت بسيطاً وسهلاً وغير مكلف، تكون قد شاركت بعمل ديني واجتماعي، لا يعلم كم هو وزنه وثقله عند الله الكريم.

والله سبحانه وتعالى، يذكرنا مدى عظمة كرمه واتساع مغفرته علينا، حيث يدفع ويرغب عباده نحو عمل الخير، مهما كان العبد يراه من عمل بسيط قد لا يشكل عنده شيئاً، إلا أنه عند الله يمثل عملاً عظيماً ويضاعف به أعماله ويثقل به ميزان حسناته، حيث يؤكد ربنا على هذه الحقيقة في سورة الزلزلة آية ٧ و٨ قال جل شأنه “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه”.

وهذه الصورة القرآنية البلاغية العظيمة والفريدة، الذي تدل على عظمة ورحمة وعدالة الباري سبحانه، في المسارين المتوازيين الحياتين والمصريين والمهمين، وهما الخير والشر، هذا من جانب، ومن جانب آخر جمعت بين الخير والشر في الترغيب والترهيب، حيث إن الله ينبئ عباده أنه يقبل العمل الصالح ولو بهذا المقدار الذي عبر عنه بالذرة، ويعاقب ولو بمقدارها، ولربما تكون الذرة هي أصغر المخلوقات أو الكائنات التي خلقها ربنا، حيث أوضح مفهومها علماء الكيمياء بقولهم إن الذرة أصغر شيء يمكن الحصول عليه من المادة عند تجزيئها، وهي التي لا ترى بالعين المجردة، وربنا يضرب بها مثلاً حقيقياً لا مجازياً، حيث يكشف من خلاله مدى رحمته الواسعة ومدى دقة عدالته.

فاجأني اتصال من أحد الأصدقاء، لم أحسب له يوماً من الأيام أي حساب، بل لم يكن يخطر ببالي إطلاقاً مثل هذا الاتصال، بسبب تأثره من مادة ثقافية تم نشرها على الحالة الخاصة بي، وهي عبارة عن بعض التوجيهات المتعلقة بسعادة الإنسان، وهي توجيهات منقولة من جهة ما، فكانت سبب اتصال صديق أسعدني وأسرني أكثر ما أسعده وأسره، من تغريدة أطلقتها في الفضاء العام، قاصداً بها وجه الله الكريم، ومنفعتي شخصياً ومنفعة أحبتنا من الإخوة والأصدقاء، وإذا بها تغير مجرى مسار شخص، وتنقله من أجواء ظلامية وكئيبة، إلى أجواء من النور والسعادة.

وهنا أذكر القارئ الكريم، طالما قنوات التواصل الاجتماعية متاحة وبين أيدينا، وهي وسيلة سريعة النشر وسهلة التعامل وغير مكلفة، فلماذا لا نستغل جزءاً من أوقاتنا الخاصة في ملء جانب ما يخصنا من هذه التكنولوجيا العصرية والحديثة، بعمل الخير ولو بكلمة طيبة، حيث نصبح من ضمن الشركاء الفاعلين الخير والدالين عليه، وكما ورد في الحديث الشريف “الدال على الخير كفاعله”.

وما دام قد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه يتقبل منا عملاً ولو كان بحجم الذرة، وهذا العمل قياس بحجم الذرة، يعني قد لا يُعد شيئاً بالنسبة لنا، لكنه عند الله عمل مقبول، وهذا يضعنا أمام مسؤولية الحجة البالغة علينا، فلا أحد يفوت عليه فرصة عمل الخير مهما كان حجمه، بل يسعى بالقدر الممكن بأن يكون فاعلاً للخير ولو ظن أنه قليل، وليثق أنه عند الله كبير، ويتقبله الله منا ولو كان مثقال ذرة.



error: المحتوي محمي