رسائل طلب الدم بين المعروف والمجهول

كثير جدًا أيها الأعزاء والعزيزات ما تصلنا بين الحينة والآخر رسائل تحمل أشكالًا كثيرة وتحت عناوين ملونة مثل: عاجل، فزعتكم، نداء، وغيرها من العناوين المقلقة لدى المتلقي، إلا أن رسائل التخويف هذه تحتاج إلى تخفيف، فالجميع على حد سواء يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي وتردّهم رسائل طلب التبرع بالدم، ولكن ما حقيقتها؟

خلف تلك الشاشة تأتي الرسالة من المجهول، وسرعان ما يتفاعل الجميع في نشرها دون التأكد من مصدرها، بل ويأتي البعض من ذكور وإناث للمبادرة للتبرع، تاركين أعمالهم، وعوائلهم، وأشغالهم. إلا أن تلك ليست الحقيقة؛ فبنوك الدم على مستوى العالم لديهم تصنيف وأولوية في إعطاء أكياس الدم.

نحن وبالتحديدِ في القطيف نملك أعدادًا كبيرةً من المحتاجين لهذه الدماء من مرضى أمراض الدم الوراثية كالثلاسيميا، والسكلسل، وهناك الحوادث المرورية أيضًا، وغيرهم الكثير؛ فهؤلاء يزورون المستشفى لغايةِ الدم الملحة والتي تصنف تحت (الطارئة)، وأما الرسائل التي ترد إلينا فهي إلى الحالات الطبيعية من عمليات جراحية، والولادة، والمنومين في المستشفى، فهؤلاء يصنفون تحت (غير الطارئة) والتي تعني أن طلب أكياس الدم بمثابة احتياطي للأكياس التي ستؤخذ من مستحقات المرضى الطارئة.

فالقضية أيها الأحبة أن طلب بنك الدم لأكياس الدم ليس دعوة وحجة لكم لنشر هذه الرسائل على مختلف قروبات الواتساب، فالمريض الواحد غير الطارئ يحتاج بحدٍ أقصى إلى 4 أكياس، أي 4 متبرعين، ومن المستحيل أن المريض الواحد لا يعرف 4 أشخاص، سواء كان زوجًا، أو صديقًا، أو من العائلة. وهذا يدعونا للتريث قبل كتابة أو نشر أي إعلان يطلب الدم، فالموضوع وبشكلٍ مختصر هو الحفاظ على احتياط من الدم في البنك للحالات الطارئة.

ولو أراد المجهول نشر منشور يطلب دمًا لمريضهم، فعليه في البداية أن يستفسر من الطبيب المعالج عن عدد أكياس الدم المطلوبة، وبعد ذلك يستطيع النشر ولكن بشكلٍ محدود ومخصوص في قروبات المعارف فقط وإلا يدرج عبارة “محتاجين متبرعين لفلان.. فزعتكم”! وفي كل الأحوال لا يستدعي الأمر إرسال المنشور على الأخبار وعلى مستوى عالٍ.

هذا الزخم الكبير من الرسائل اليومية يوضح أن هذا الأمر غير واضح أمام الجميع، ولهذا نتمنى أن تكون لدينا ثقافة وتبيان حول الأمر قبل الإقدام عليه، فهذه الرسائل تسبب ترهيبًا ورعبًا لدى الكثير، والتي أيضًا توصل رسالة بأن بنك الدم خالٍ تمامًا من الدماء، فعلينا أن نلتف، ونلتقي، ونغيّر حاضرنا القطيفي بنفسنا، وبالحكمة والوعي، نضع حدًا لهذا الذي نعانيه والذي نحس به، والذي نتعب منه، ونشعر أنه لا يتناسب مع ثقافتنا، وثقافة الكرامة. فيدًا بيد، ووجهًا لوجه، وعقلًا إلى جانب عقل، وقلبًا إلى جانب قلب، متصلًا بواسطة الإيمان إلى ينبوع العقل والفكر والعلم، إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى الله.



error: المحتوي محمي