بهذه العناصر الثلاثة اجتمعت في لوحة بورتريه واحدة مسرحية صامتة تكاملية، هدفها إظهار ملامح الوجوه والأجسام وتعبيراتها، من أهم العناصر المؤثرة في تصوير المشهد المسرحي هي الإضاءة، إنه الفن التعبيري عن النسب المختلفة في التكوين الجمالي سواء بالرسم أو بالموسيقى أو الغناء، وهي التي تنقلنا من عالم الواقع بآلامه المختلفة إلى واقع مختلف بأحلامه ورقته وسموه، إنها مشرحة اجتماعية لبعض المشكلات والظواهر المعقدة والمركبة في آن واحد، شكلت تلك الحركات الصامتة التي أعدها المخرج مع حكاية اجتماعية تنبيهية، اعتمدت على تكثيف النص، القائم أساساً على البساطة المؤثرة، التي لها تجريدها الخاص المتوفر فيه الجانب التعبيري الإيحائي في إعادة التواصل مع المجتمع والأسرة.
يعتبر الخيال النشاط العقلي، في تنمية الذوق الفني، فهو في جوهره انتقائي ينقل الواقع بين روحية النغم وعوالم اللون، كما كتبت عنه “كلودين داي” بأن الرسم والموسيقى يمتلكان خصائص تميزهما، فالرسم يمنحنا أعمالًا ثابتة، صامتة، بينما الموسيقى تمنحنا أعمالًا غير مرئية، إلا أنها متجددة حسب كل عزف، أما “نيكتو” في كتابه السيمفونية البصرية بأن الموسيقى فن تجريدي، عاجز عن فهم الواقع كما تفعل اللوحة، إلا أن هناك العديد من الفنانين يؤكدون أن للألوان علاقة بالصوت، مما يؤكد روحانية العمل المؤثرة في طبيعة وسلوك الإنسان القهرية من الأسفل إلى الأعلى متخذًا خطًا آخر علاجيًا في الحياة؛ بسبب هذه المشاهد الفنية.
إنها تجربة تجريبية فنية معاصرة تمزج بين الريشة والمسرح والموسيقى، إنها فريدة من نوعها في المملكة العربية السعودية ربما تكون الأولى، إلا أنها كانت ممتعة للجمهور والنقاد بقيادة الفنان التشكيلي عبد العظيم الضامن، والمخرج معتز العبد الله، والفنان عبدالله الرويعي، والفنانة أروى وفنان العود الأصيل فاضل معتز، أجمل تحية لفريق العمل والمنظمين على هذا العمل الرائع.