قبل كل شيء لا أدري من أعزي أولًا؛ الأحباء بفقد الغالي أبو سامي الجشي؟ أم أعزي نفسي؟! وداع يتبعه وداع ودموع تطارد دموعًا، ويبقى الفراق هو ما ننتظره! نعم رحل أخ رابع لزوجي على الرغم من أن الموت أليف هنا! إلا إننا لا نستطيع أن نتآلف معه ونتقبله كحقيقة، هكذا ديدن البشر.
على غير العادة لم تكن هذه الجمعة كسواها، فقد ارتدت اللون الأسود وتوشحت بالحزن، وانسابت الدموع ليخيم الحزن على وجوه الأحباء، تتقصى أحزاننا الحروف ونتقصاها ولكن! ماذا
يمكن أن أكتب بباقة من أحرف الرثاء، ولا يزال طيفه يراود الأحباء! وكأنني ما زلت أراه ساكنًا وصامتًا ومستلقيًا على سريره، وما يحزنني ثمَّة سؤال عميق يتردد صداه في خاطري: أنه كيف لزوجي الموجوع زيارة أخيه الراحل له بعد رحيله؟! وما كان ردي عليه إلا أن يعلن الحداد بلافتة سوداء على واجهة بيت أخيه الراحل الذي رحل ورحل معه الأمان! فالحياة لا تتيح لأصحاب القلوب الطيبة بالبقاء طويلًا.
لقد حلق بصمت وسكينة نحو السماء واستضافته الملائكة في لقاء السكون، نعم في أعلى السماء بفيض من الحنان! والأجمل سوف يلتقي بإخوانه الثلاثة الذين سبقوه هناك، حيث الجنة وكيف سيكون ويحلو اللقاء! فلا تخف ولا تحزن إنما علينا نحن الخوف، حيث ما زلنا ننتظر الموت، ونتابع الأحباء يتساقطون أمام أعيننا ويموتون، وهم حين يرحلون لا يلزموننا عالرحيل معهم، ولكننا مجبورون على العيش والحياة بدونهم، وما أقسى رحيل وفراق الأحبة بلا وداع.
هكذا يغدر بنا الزمان ويلسعنا من حيث لا نحتسب؛ ليكبر فينا حرقة الفراق ويحتل ذاكرتنا، لنرويه إرثًا لا يزول ولا يحول أبدًا.
يا إلهي تقبل روحه الطاهرة في جنتك، ولا تحرمه من رحمتك وعفوك ورضاك، وتقبله مع الأبرار وإنه أطيب خلقك، لك الرحمة ولنا الصبر.