التطبُع بالسلوكيات والعادات مجملاً هي نتاج تغذيتها في الفرد من خلال الدائرة المقربة سواء كانت الأسرة أم جماعة معينة تفرض عليه تبني ثقافتها والمضي نحوها، وهذا ما يسمى في علم الاجتماع التنشئة الاجتماعية.
التنشئة الاجتماعية، ليست حصراً على الأسرة أو المجتمع، ثقافة بيئة العمل أيضاً تخلق تنشئة اجتماعية حتى إن لم تكن مكتوبة، فتبني النمط الإداري للمنظمة هو لُب التنشئة الاجتماعية في بيئة العمل، وهو ما يكفل توافق واستمرارية الموظف.
من خلال هذا المقال سنسلط الضوء على أنماط إدارية مختلفة وتوضيح أثرها على المنظمة وعلى الفرد مع طرح أمثلة حية لتعزيز الفكرة.
كثيراً ما يعنون علم الإدارة بأنه علم المال والأعمال، وهو وصف دقيق فعلاً، فمن خلال التمعن في توجهات الشركات نجد أن بعض الشركات تسعى في نشاطها لصناعة المال فقط، لذلك تكون محدودة التطور والنمو، فهمها الشاغر هو تحقيق المردود المالي البسيط، تتجنب رأس المال الجريء، قد تستمر في نشاطها ولكنها تبقى محدودة جداً، والأمثلة كثيرة لمؤسسات وشركات ومراكز تجارية وخدمية ما زالت مكانك سر منذ سنين.
النمط الإداري لمثل هذه الشركات لا يساعد على التطور، فالغالب عليها هو العمل الروتيني القاتل، منافعها ومصالحها محدودة لا تشمل جميع أفرادها.
في الجانب الآخر، نجد شركات أخرى تسعى لصناعة الأعمال، ويمكن ملاحظة ذلك جلياً من خلال توسعها في أعمالها وتنوع استثماراتها، ولو سلطنا الضوء على هذا النمط سنجد أن صناعة الأعمال أدى إلى صناعة المال.
صناعة الأعمال لا تنحصر في شموليتها على صناعة المال فقط، أيضاً تمتاز بخلق التطور الوظيفي وصناعة فرص وظيفية جديدة.
من يعمل في مثل هذه الشركات حتماً سيكتسب مهارات وخبرات عالية بالمقارنة مع النمط السابق، من الأمثلة الحية لهذا النمط مجموعة شركات الزامل، شركة المراعي وغيره من أسماء كثيرة.
بعض الشركات تجاوزت صناعة الأعمال من خلال الاستثمار في الرأس المال البشري عن طريق تقديم برامج تعليمية و تدريبية وتطويرية تمكنها من التوسع في أعمالها، وبالتالي تمكنت من صناعة الأعمال والأموال معاً، ومن أفضل الأمثلة لهذا النمط شركة “أرامكو” السعودية والتي استطاعت أن تكون مضرب مثل بين أبناء المجتمع بالعبارة المشهورة “ما يبيلها موظف في أرامكو”.
بعض الشركات من خلال استثمارها في الرأس المال البشري تقلد موظفيها مناصب قيادية في شركات في نفس القطاع مثل شركة شلمبرجير، وهو مؤشر لمدى وعي الإدارة بجدوى الاستثمار في الرأس المال البشري والذي يصنع الأعمال وبالتالي يصنع المال.
وأخيراً، من الأنماط الإدارية التي لم تأخذ حجمها في السوق المحلية حتى الآن، هو Venture Capital وكذلك Angel Capital وهما يشكلان نمطاً إدارياً يتبنى الأفكار أو المشاريع الصغيرة ويحولها إلى مشاريع مثمرة.
أختم المقال بتساؤل: “أي الإدارتين تستطيع تجاوز النمط الأول، الإدارة المركزية أم الإدارة اللا مركزية؟”.