عندما يسقط منك الدرهم ثم يأتيك الدينار!

احترقَ المصنع الأول الذي بناه، فلم تحترق آماله وأحلامه، بنى مصنعًا آخر أكثر تطورًا ونجح. فصله مشرفُ العمل المتسلّط من وظيفته دونَ سبب فإذا به يدير الشركةَ التي وجدَ فيها وظيفة. طلَّقها زوجها التعيس فصارت مع زوجٍ آخر أكبر سعادة. تمردت عليه زوجته وتركها لمن هي خيرٌ منها.

مقاطع حقيقية من ملايين الحكايات تظن صاحبتها أو صاحبها أن الأمر قد قُضي ويخيم الإحباط والشعور باليأس، ثم إذا الله يرسل ما هو أجمل وأرقى بعشرات المرات، تفوق مصارفةَ الدينار بالدرهم. ثم يفرحون: الحمد لله إذ سقطَ منا درهمٌ فعوضنا الله دينارًا.

خلاصة الحياة أن بعض الخسارة لابد أن تتوقف، لكن لا نعيش السقوط تحت وطأة القنوط المدمر، على أساس أن الوضع السلبي حالة شاذة ثم تنتهي، ومن خلال حتمية التغيير واللطف فيما يقدر الله يأتي الربح ويفتح اللهُ عشرةَ أبواب يكون فيها مخارج لكلِّ بابٍ ينغلق مهما كانت الظروف صعبةً.

كل التجارب الفاشلة التي يدخل فيها الإنسان ويخسر فيها الدرهم، هي ما تعطيه القوة ليكون خبيرًا أكثر بحجم الأمور ويستفيد منها حتى يحدّد خطواته مستقبلًا بعيدًا عن أي فشل ويكسب الدينار. ولأن المؤمن لا ييأس من روح الله وإن تدمّر عاطفيًا أو جسديًا أو ماليًا، تبقى فيه الروح التي تناديه: تعال هنا المخرج إلى رَوح الفرج.

فقط لو أيقن اليائسون والمتعبون والمنتحرون أنَّ الله أمامهم وقدامهم، وهو على كلِّ شيء قدير، لم ييأسوا ولم ينتحروا. فرحم الله آباءنا وأمهاتنا لطالما إذا ضاقت عليهم الأمور قالوا: اسعَ يا عبدي وأنا أسعى معاك، واثقين أن السعي والسير نحو التغيير يبدأ منا – أبناء آدم – ثم الله هو الذي يقوينا ويوصلنا حيث يشاء. فالله تعالى، وإن كان بيده مفاتح كلِّ شيء، خلقَ العالمَ على قانون العلة والمعلول، والسبب والمسبب. ولن يغير تلك القوانين لمن جلسَ في الدار عن طلب الرزق، ولمريضٍ لا يأخذ الدواءَ رغبةً في العافية.



error: المحتوي محمي