الزهراء (ع) وتحمل المسؤولية

كل إنسان يمتلك العديد من الخصائص والصفات التي يتميز بها عن غيره، ولكنه قد يكون غافلاً عن استثمار هذه الصفات التي يتصف بها، والتي قد تجعل منه شخصية لها طابع مميز وحضور في مجتمعه وبين أقرانه.

ومن أهم هذه الصفات الوقوف على حل المشاكل والأزمات، وأن يكون له مواقف موزونة في اتخاذ القرارات الصائبة، فكيف أنمي هذه الخصائص والملكات؟؟

لا يستصغر الإنسان قدره أو سنه فيصف نفسه بالعجز وهو قادر على فعل الكثير، فإن الله تعالى أودع في كل مخلوق الكثير من الملكات التي إن استثمرها لصالحه وصالح مجتمعه لارتقى بنفسه ومجتمعه نحو الكمال.

ولنا في الزهراء (سلام الله عليها) القدوة والأسوة الحسنة في ذلك، ولو من خلال موقف واحد من حياتها وهي طفلة لم تتجاوز السادسة أو السابعة من عمرها، حين اجتماع القوم الوثني في وجه رسول الله (ص) وعزموا على التضييق عليه وعلى المؤمنين واحتجزوهم في شعب أبي طالب.

هنا يأتي دور الزهراء – على صغر سنها – إلا أنها استثمرت ما أودعه الله فيها من ملكة وقدرة على مواجهة المواقف، وظهرت بوضوح في القيام بالكثير من الأعباء للتخفيف عن رسول الله ( ص) والدفاع عنه، لا بصفته أباها وإنما هو رسول الله ومن واجب أي مؤمن ومؤمنة الدفاع عنه.

فكانت الأم والمستشارة الممرضة، كانت الروح المضيئة لرسول الله تخفف آلامه وحزنه بالذات بعد رحيل من كان يستند لهم ويأنس بوجودهم.

وقفت رغم صغر سنها في وجه الطغيان الوثني غير مبالية بجبروتهم وقوتهم، كان همها الوحيد الحفاظ على حياة رسول الله وإعلاء كلمة الحق والتوحيد، فكانت بالفعل نموذجاً لتحمل المسؤولية.

لنأخذ هذا الموقف من حياة الزهراء نموذجاً في تحمل المسؤولية في وقت عصيب نمر به ونعيشه، كيف بنا أن نسعى للحفاظ على مبادئنا ومنهجنا الإسلامي.

لا بد للجميع أن يحمل حساً اجتماعياً وإسلامياً، ويكون على قدر من تحمل المسؤولية واتخاذ الموقف الصائب، أمام ما يشاهده من إخلال بالمبادئ الإسلامية وتجاوز على القيم الغراء، ونتمثل قول رسول الله: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، فكل فرد في هذا المجتمع تقع على عاتقه مسؤولية الدفاع عن معتقداته الدينية ومبادئه الأخلاقية والاجتماعية، فلا ينزوي في زاوية ويضع وجهه بين ركبتيه، بحيث أن الأمر لا يعني له شيئاً أو ليس له صلة بما يحدث لأنها لا تصدر منه.

فالساكت عن الخطأ والتخلي عن إبراز موقف سليم تجاه ما يشاهده ويعيشه من أخطاء سيكون له ضرر عليه هو كذلك وإن حافظ على نفسه من الوقوع في الخطأ؛ لأن لديه أبناء وإخوة لا بد من الحفاظ عليهم وعلى عقيدتهم ومبادئهم، فلتكن الزهراء خير قدوة ودليل لنا في اتخاذ المواقف وتحمل المسؤولية.



error: المحتوي محمي