لقاح كورونا ومراكزه

مازالت نسبة معتبرة من الناس تبدي تحفظاً تجاه أخذ لقاح كورونا، هذا التحفظ له مبرراته وأسبابه، لذا نحتاج أن ننظر إليه بإيجابية، فهو دليل على أن الناس لديها اهتمام بهذه الجائحة، واهتمام أكبر بصحتها، كما أنه يكشف عن أن الناس أصبح لديهم من الوعي القدر الكافي لأن تدقق في كل ما يرد عليها من متغيرات وأفكار، تشكل جزءًا مهماً من اهتماماتهم، ولم تعد تستقبل كل شيء دون تمحيص وكأنها مكنسة كهربائية تتلقف كل ما تجده دون دون أي نوع من التصفية والتمحيص.

الآن وبعد مضي أسابيع على وصول اللقاح للمملكة والبدء باستخدامه منذ منتصف شهر ديسمبر 2020م، أعتقد أن لدى الجهات المسؤولة حصيلة جيدة من المعلومات المتعلقة بأسباب حول هذا التحفظ والتساؤلات البسيطة منها أو المعقدة، وأنها قادرة على التعاطي مع هذا التحفظ بمنتهى المهنية وأيضاً تحقيق النجاح إن شاء الله.

إن مصدر الثقة الكبيرة التي لديّ في قدرة الجهات المسؤولة هو ناتج وبشكل رئيس مما شاهدته في مركز لقاحات كورنا بمدينة الخبر الجميلة، فهذا المركز بحد ذاته يروي قصة نجاح ملهمة وعظيمة بمعنى الكلمة.

فما رأيته ليس فقط مركزاً لأخذ اللقاح، بل رأيت مفخرة وطنية وتطبيقًا عملياً ناجحاً لكثير من المفاهيم والتطبيقات الإدارية التي كنا في يوم ما نعتقد أنها حصراً على دول بعينها، لكن هذه التجربة الماثلة اليوم أمامنا باستطاعتها إزالة كم كبير من التشاؤم وتزرع مكانها حقول من الثقة بقدراتنا المحلية.

عند الدخول لهذا المركز لن تحتاج أحداً ليحدثك بأن هناك جهود جليلة قد بذلت للوصول لهذا المستوى المتقدم في تقديم مثل هذه الخدمة، عند زيارتك لهذا المركز لن تحتاج من يقول لك أن لدينا شهادات جودة ومعايير أداء، فمستوى الخدمة يشعرك أن هناك معايير أداء تعمل بكفاءة ومهنية مدمجة في كل مفصل من مفاصل العمل هناك، سواء على مستوى الاستقبال والتوجيه في المحطات المختلفة أو عند تقديم الخدمة والرعاية الطبية أو في بيئة المركز نفسه والخدمات المصاحبة.

من واقع التجربة أرى أن مثل هذه المهنية في الخدمة تضاهي حتى الدول التي نعتقد أنها قادرة على مثل هذا المستوى المتقدم في تقديم الخدمات الصحية.

لدي قناعة كبيرة بأن هذا المركز وربما جميع مراكز لقاحات كورونا بالمملكة لا تحتاج لاستبانات رضا المستفيدين، فمستوى الخدمة الحالي فاق كل التوقعات مقارنة بما هو متداول في كثير من الأجهزة الخدمية تقريباً.

إن نجاح تجربة مراكز لقاح كورونا تمنح شعوراً كبيراً وفخراً عظيماً لدى كل من زاره وتلمس مستوى الخدمة والجهد الكبير الذي يبذل هناك من كوادر سعودية جديرة، كل هذا يكشف أن هناك إرادة حقيقة وتطبيقاً عملياً لمقولة عربية قديمة: “اعط القوس باريها”.


error: المحتوي محمي