الحوكمة الرّياضيّة سعوديا

تتسع الدائرة المجتمعية، كمّا وكيفا، وقربا وانجذابا، إذا حاول أيّ منّا أن يبسط للحديث كفّا يرتبط بالقطاع الرياضي الذي يحظى بجماهيرية تكاد تكون الأبرز على مستوى المجموع المجتمعي، حيث صارت دائرة واسعة منه تتابع بشغف ولهفة لعبة أو أكثر من الألعاب الرياضية، ممّا يشير إلى قوة هذه الرابطة وتميز مدى انتشارها.

أظنّ أنّ هذا هو ناتج حتمي يتكئ على المتابعة الجماهيرية ضمن حالة ردود الفعل، أما ما يرتبط بالفعل الرياضي الأساسي، فإنه يتطلب صناعة تنشئ المشروعات الرياضية القادرة على تحقيق كل مفردات الأهداف المادية والمعنوية، مما تزخر بها رسالة المكتنز الإبداعي الإداري على وجه خاص.

ولتقريب الصورة، يتذكر الجميع مجموعة من المشكلات في بعض الأندية الرياضية، حيث تتفاقم أحجام المديونيات التي تلتزم بها إدارة النادي مبدئيا، ولكن في حالة حدوث تغيير في إدارة النادي، تجد الإدارة الجديدة نفسها مثقلة بسداد مديونيات الإدارة السابقة.

حينذاك، بات نفس السيناريو يتكرر مع التزامات بعض الأندية من خلال إمّا عقود مع لاعبين محترفين أو مدربين أو أخذ قروض وغير ذلك، في محاولات كان عنوانها الأولي علاج بعض المشاكل، لكن تحولت إلى سلسلة من الإجراءات والعقوبات المحلية والعالمية، بسبب الإخلال بلوائح الاتحادات المحلية أو الدولية للعبة، وهذا كان يشكّل تشويها في المشهد الرياضي ويزعج الجميع، إضافة إلى ما يتسبب في فقدان للثقة النسبية لدى المتعاملين مع مثل هذا الأفق العاصف.

وفي لغة التقويم، انطلقت استراتيجية دعم الألعاب في السعودية كسياسة إنماء واسع تحظى به جميع معطيات المرحلة، وبفرادة أسلوبية تجمع بين المرونة وبين الانضباط، غدا مفهوم الحوكمة الرياضية السعودي لسان حال المرحلة التي تحتاج إلى حضوره مفاهيم الإدارة الرشيدة، بكل أبعادها وخلال مجمل تصوراتها.

وهنا يبدو مفهوم الكفاءة المالية أحد أهم أوجه لوائح الحوكمة الرياضية في بلادنا، إذ من المتوقع أن الخميس الماضي كان موعد منح رخص الكفاءة المالية للأندية التي نجحت في تطبيق الاشتراطات التي بينتها اللوائح التي أصدرتها وزارة الرياضة.

ويمكن بالرجوع إلى المنطق الإحصائي لعدد الأندية التي تم منحها هذه الشهادة، الوصول إلى صورة حكم تقديري لواقع الكفاءة المالية في أنديتنا الرياضية.

إن مفهوم الإدارة الرشيدة الذي يمكن أن يكون مرادفا لمفهوم الحوكمة، يعني أن تتوفر مجموعة المعايير والأنظمة التي تسلكها إدارات الأندية، وتعيد هيكلة أجهزتها الوظيفية بما يتناسب مع هذا النوع من النموّ، فإنّ الشفّافية وتحقيق كفاءة التوزيع والالتزام بجميع ما تدعو إليه استراتيجية الحوكمة واستراتيجية دعم الألعاب، يمثلان نقلة نوعية في الكفاءة الإدارية للأندية الرياضية السعودية.

ونتيجة الدعم غير المحدود من السعودية، فقد احتضنت -قبل أيام- فعاليات المؤتمر الدولي للحوكمة والامتثال لتعزيز النزاهة في الوسط الرياضي، وهو المؤتمر الذي جاء برعاية كريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكانت جميع المشاركات تدعو إلى توفير جميع معالم الحوكمة الرياضية، وهكذا تمت التوصيات في اتجاه توفير إدارة رياضية تتميز باتباع لوائح الحوكمة الرياضية، وتعزز نشر جميع المفاهيم المتعلقة بذلك.

إن مفهوم الحوكمة الذي نشأ ضمن تطوير الأداء المالي داخل شركات القطاع الخاص، صار منذ تسعينيات القرن الماضي مفهوما حاضرا في القطاع الرياضي لدى الدول المتقدمة رياضيا، وتجاربهم سوف تفيدنا كذلك في إستراتيجية الحوكمة الرياضية سعوديا التي هي مسار الرشد الإداري في إدارة أنديتنا الرياضية.


المصدر: آراء سعودية



error: المحتوي محمي