التكيف

التكيف هو من الخصائص البشرية وقد تكون بدنية أو تصرفات تساعد الإنسان على البقاء حياً ويمارس نشاطه بطريقة أفضل في البيئة المحيطة به.

والإنسان يتكيف لأن عقله يتطور، ونحن الآن بالعلم الحديث نعرف أن الموروث الجيني للإنسان يعطيه المرونة والقدرة على التكيف، وهذه ميزة متطورة وتتغير حسب الحاجة.

والتكيف نعمة من الله على الناس، والتأقلم أو التكيف يشمل الأفراد والمجتمعات، ويشمل التكيف بالنسبة للناس في المناخ الصعب والصعوبات الاقتصادية والكوارث والمشاكل الصحية والأوبئة، فنحن البشر عندنا قدرة عجيبة على التكيف منحنا إياها الله جل جلاله.

فبالنسبة للمناخ، الناس تتكيف مع الجو الحار، بلبس الملابس الخفيفة والبيضاء والفاتحة، وكذلك إيجاد التكييف في البيوت ووسائل النقل وأماكن العمل، ويكون نشاط الناس داخلياً لمنع التعرض للحرارة، وفي القديم كانت البيوت مفتوحة ويوجد في كل البيوت توجد صالات مظللة ومفتوحة كأنها عريش، وكانوا قديماً ينامون ليلاً فوق البيوت من أجل التهوية ويستخدمون الخلة لحمايتهم من البعوض والحشرات، وهذا ما يحدث قديماً وحديثاً في منطقتنا الخليجية، فالناس تتأقلم رغم الحرارة العالية.

وفي المناطق الباردة التي تصل حرارتها تحت الصفر، يلبس الناس ملابس ثقيلة وداكنة تحميهم من البرد القارس، والتدفئة توجد في بيوتهم وسياراتهم وأعمالهم وأسواقهم، وأيضاً يكون نشاطهم داخلياً.

وقد سافرت للسويد ودرجة الحرارة ٢٢ تحت الصفر والنَّاس تعيش براحة ويسر رغم صعوبة المناخ، وكذلك كندا كانت درجة الحرارة ١٢ تحت الصفر والنَّاس واقفة في صف على مطعم في الخارج، فالناس تعيش حياتها الطبيعية رغم صعوبة الجو.

والنَّاس في الدول الفقيرة والتي تواجه صعوبات اقتصادية تتكيف وتعيش حياتها رغم الفقر، ولكن يكثر المشردون الذين يعيشون في الشوارع، ويكثر في هذه البلدان العاطلون عن العمل، كما تكثر الشركات والمؤسسات الخاسرة والمفلسة، فالفقراء الذين يعيشون في الشوارع يتكيفون مع وضعهم ويدبرون قوت يومهم حتى من الحاويات، والحكومات تساعدهم بإيجاد ملاجئ للمشردين، وبالنسبة للعاطلين يجدون بدائل بإيجاد بسطات للبيع أو مهن مختلفة تعينهم على المعيشة. والحكومات تدعم المؤسسات والشركات المفلسة، والحياة تمشي بالرغم من الصعوبات.

أما البلدان التي تواجه كوارث مثل الزلازل والحروب فالناس تجد الحلول، فالدول التي تكون في حزام الزلازل مثل اليابان تفرض على الملاك أن يبنوا بناياتهم على تحمل الزلازل، فتصمم القواعد لتكون مرنة وتتحمل انزلاق الأرض لتحمي البنايات من السقوط، فتجد البناية تهتز كأنها زنبرك ولكن لا تسقط.

وقد عشت التجربة في اليابان، حيث كنت في فندق في الدور الثامن عشر وحدث زلزال، وسقطت من على السرير، فهرعت للنزول من الدرج أو السلم وأنا خائف وأجري للنزول والبناية تهتز، فلما نزلت للشارع، رأيت الناس يمارسون حياتهم الطبيعية.

وبالنسبة للحروب والدمار والموت الذي يحدث أثناءها، فيوجد الناس ملاجئ في بيوتهم لتحميهم من القصف، وتوجد الحكومات ملاجئ في المناطق، ويهرع الناس إلى المخيمات والمناطق البعيدة عن القصف إذا طالت الحرب، وبعض الناس تلجأ للدول المجاورة لتعيش حياتها.

والنَّاس تتأقلم مع الأوبئة وتحاول إيجاد الأدوية واللقاحات لها، ويأخذون الاحترازات الصحية والتباعد الاجتماعي، كما تحد الحكومات من السفر لمنع انتشار المرض، وقد تأمر الحكومات بإيجاد الحجر الصحي على بعض المناطق، والدول توفر التحاليل لمعرفة المصابين بالمرض.

أما بالنسبة للناس، فيلتزمون بعدم الخروج من منازلهم، ويلتزم التجار بتوصيل الأغراض للمنازل، ويقوم الناس بتعقيم البضائع وأيديهم ولبس الكمامات، ويحاول الناس اتباع التعليمات الصحية من وزارة الصحة، والامتناع عن السلام والتقبيل، فالناس إذا كانوا واعين يحدون من انتشار الوباء وحفظ الأرواح، وخير دليل على هذا هو الجائحة الحالية وتكيف الناس معها.

ومن الأشياء التي تساعد على التكيف هي حرص الحكومات على التوعية الصحية والمالية وطريقة التعامل مع الزلازل وغيرها من الكوارث، وكذلك توفير الأدوات التي تساعد على التكيف مثل المساعدات المالية للفقراء حتى يجدوا قوت يومهم، وإيجاد الملاجئ للمشردين لحفظهم من الجو القاسي وتوفير الغذاء لهم، وأيضاً توفير المخيمات البعيدة عن الجبهات أثناء الحروب.

وأخيراً الناس تتكيف مع كل المشاكل والصعوبات والأمراض، وهذه نعمة من الله لحفظ أرواحهم وممتلكاتهم.



error: المحتوي محمي