من سنابس.. العبيدي: تجارب تصوير عائلية قادتني للكاميرا.. و300 ريال ثمن رفيقتي الأولى

في البدايات تكمن قصص إن طرقت باب الماضي ستكتشفها، لتعرف أن في حياة الناجحين المُتميزين تفاصيل صغيرة، كانت العامل الأساس في جعله مُبدعًا، وفي حياة الفُوتوغرافي منصور سعيد العُبيدي، لم تكن خارج الأسوار الجغرافية للأسرة، لكنها جاءت من والديه، حيث كان والده يهتم بتوثيق رحلات الأسرة، ووالدته تهتم بتوثيق يومياتها، ومشاغبة أفرد الأسرة.

يرى “العُبيدي” أن اللبنة الأولى في حياته الفنية انطلقت لشدة الفضول، وانبعاث حالة الاستكشاف، وذلك لرؤية هذا الكم من الصور التُوثيقية، كلما كان بقرب والديه، لتُسيطر عليه الحالة الفنية.

ويقول: “بداياتي مع الكاميرا كانت في سن صغيرة جدًا، في الثامنة ربيعًا تقريبًا، فأبي كان مُهتمًا بتوثيق رحلاتنا، وأمي كانت مُهتمة بتوثيق يومياتنا ومشاغباتنا، بالإضافة إلى أن مشاهدتي للصور الكثيرة، والمختلفة في أرجاء المنزل استفزت الفضول في ذاتي وقتها، ودفعتني للاستكشاف، وعندما كنت صغير السن، كان التصوير يُمثل هواية ممتعة ومجال تجارب، وشغلًا لأوقات الفراغ”.

لم يتوقع
لم يدر في خلده، أنه ذات يوم، سيكون مُغرمًا بهذا العالم، إلا أن شيئًا ما حدث له أخذه، ليبحر في هذا العالم، فقد كان في الصف الرابع الابتدائي، وفي إحدى الزيارات العائلية رأى أحد أبناء عمته، وهو عون علي آل حمود، الذي كان حينها يملك كاميرا احترافية، لفتت انتباهه وجلس يراقبه عن بعد وهو يلتقط الصور لأطفال العائلة، ويستخدم تقنيات وفلاتر مختلفة لإضافة تأثيرات إبداعية.

أحب “العُبيدي” النتائج، مما جعله يطلب من والده شراء كاميرا خاصة به، وفعلًا نزل الأب على رغبته، فكانت أول كاميرا يمتلكها من نوع Minolta الفيلمية، في عام 1991م أو 1992م، بـ 300 ريال تقريبًا، وهنا بدأت الرحلة بشراء الأفلام وتحميضها بشكل شبه أسبوعي، حيث كان يلتقط الكثير من الصور، ومحاولة التجارب المختلفة والتأثيرات المختلفة بالوقت نفسه، وبدأت ثورة كاميرات الفيديو، ولحب والده للتقنية والتصوير العائلي وتوثيق الرحلات، أصبح في المنزل كاميرا فيديو.

وقام في عام 2007 م/ 2008م، بعد فترة انقطاع لسنوات، بشراء أول كاميرا احترافية، أو شبه احترافية، والتي كانت من نوع Sony A350، بمبلغ 4000 ريال.

حكاية عشق
ويوضح “العبيدي” المنحدر من بلدة سنابس: “العدسة تُساعدنا على رؤية الأشياء المُعتادة من حولنا من زاوية ونظرة وتفاصيل مختلفة في الغالب لا نلتفت لها، والتصوير بالنسبة لي هو هواية جميلة، وإذا أحببت شيئًا فلن تجد فيه من العيوب شيئًا، ولن يصعب عليك فيه شيء”.

ويستأنف حديثه عن بداياته مشيرًا إلى أن أبرز الصعوبات التي واجهته، كانت في التعلم على الكاميرا الاحترافية، ومعرفة كيفية التحكم السليم بالإعدادات، وكيفية الحصول على نتائج جميلة، قد تُصنف احترافية، وهذا كان من خلال القراءة في مواضيع التصوير المختلفة، والمعلومات المُنتشرة على صفحات الإنترنت، بالإضافة إلى بعض الكتب في مجال التصوير.

وبين أن العامل الأهم يكمن في التطبيق والممارسة والتغذية البصرية، لافتًا إلى أنه اعتمد على التعليم الذاتي عن طريق الإنترنت والتطبيق والممارسة.

وأكد أن “عالم التصوير عالم كبير وجميل يزخر بالكثير من المُصورين، ولعلمي وإيماني بأن التصوير فن وذوق، فإني أهتم بالتغذية البصرية من مصوري العالم أجمع”.

المدرسة والتوثيق
وذكر أنه كان يستخدم إخوته كممثلين، وهو يهتم بالنص والسيناريو والإخراج والتصوير والمُونتاج، وطبعًا لابد من المُؤثرات المشوقة، كالاختفاء والظهور الطيران والانتقال بين المشاهد.

وتطور الأمر معه، مما جعله يأخذ كاميرته إلى المدرسة والتصوير في الفصل أيضًا، وتصوير المناسبات والفعاليات المدرسية المختلفة، حتى أصبح معروفًا في المدرسة بالمصور الأساسي، مما دفع الإدارة في ذلك الوقت إلى إنشاء جماعة الإعلام، وتم انتسابه لهذه الجماعة “وحيدًا”، مسؤولًا عن توثيق جميع أنشطة وفعاليات المدرسة الداخلية، أيضًا المشاركات الخارجية حينها.

وكان المسؤول أيضًا عن تصوير مناسبات العائلة المُختلفة من حفلات الزواج والرحلات والأسفار، خصوصًا بكاميرا الفيديو، وبعد فترة وجد من يُحاول منافسته والاستيلاء على الكاميرا، وهي أخته الصُغرى الفُوتوغرافية سلمى العبيدي.

مُغرم بالتجارب
وقال: “قد لا أعتبر نفسي متخصصًا في محور بعينه من محاور التصوير، حيث إنني أحب التجارب والتطفل في كل المجالات المتاحة، وقد يكون هذا بسبب أن التصوير بالنسبة لي هواية ومتعة، لكنني أميل أكثر لتصوير الحيوانات والطيور بالدرجة الأولى، يليه تصوير حياة الشارع والطبيعة”.

وأضاف: “أنا أؤمن بأن الطموح والأمل والسعي نحو الكمال هو الوقود الذي يُلهم ويُحفز الفنان للإنتاج والتطور، ولا أعتقد أن هناك سقفًا أو حدًا يقف عنده الطموح في أي مجال، سواء كان التصوير أو غيره، وما زلت أطمح للوصول إلى إنتاجات وأعمال أجمل، وأكثر احترافية وتميزًا”.

الصورة كاريزما
ويتابع “العبيدي”: “قد يختلف البعض في تعريف الصورة الناجحة، ومن وجهة نظري الشخصية، فإن نجاح الصورة، يكون في الموضوع والفكرة أولًا، وطبعًا مجالات وأنواع التصوير مختلفة، لكن إذا شاهد أي شخص غير محترف في التصوير، وفهم موضوع الصورة والرسالة من خلفها، فهذا نجاح بحد ذاته”.

وبين أن أحد أهم أركان الصورة الناجحة هو الموضوع، والمقصود به وجود فكرة وهدف للصورة، وأن يكون كلاهما مفهومًا للمُشاهد، ويستطيع قراءته قبل قراءة عنوان الصورة أو الشرح المُرفق، مشيرًا إلى أن هذا ما يُميز كثيرًا من الأعمال العالمية، والتي نراها حولنا من مصوري العالم في أرجاء الكرة الأرضية، دون معرفتنا بلغات ألسنتهم.

ونوه إلى أن الصورة فيما تحمل في زواياها ومضمونها، فإنها تُترجم فكر الفنان ورؤياه، وتُترجم كاريزما الفنان التي تُميزه عن غيره، وقال: “قد تُغنيك صورة عن ألف كلمة ورسالة، وقد يكون محتوى الصورة يُوصل رسالة هادفة للمجتمع، تلمس مشاعر المُتلقي وتستدعيه وتذكره بفعل أمر حسن، وقد تصل إلى مرحلة أن تكون المُلهمة”.

وأردف: “من الناحية التقنية، فإن الصورة الناجحة هي الصورة التي يُراعي فيها المُصور الأساسيات المبدئية، من حيث التكوين والإضاءة، ونحوه”.

ووجه “العبيدي” كلمات إلى عاشقي العدسة، وقال: “لجميع المصورين؛ إن التصوير فن وذوق، تختلف ألوانه وأذواقه، وليس هناك نوع واحد فقط للتصوير، وليس هناك طريقة واحدة فقط، أيضًا ليس هناك خطأ وصواب مطلق”.

ودعا: “أطلق العنان لمخيلتك، مارس التصوير بحب، التقط الصورة من قلبك قبل عدستك وإعداداتك، اهتم بالممارسة، وبالتغذية البصرية، افتح سمعك، وقلبك وعقلك، لمن يُوجهك وينصحك، تجاهل من يحبط عزيمتك، أو يقلل من قدراتك”.

عضويات فوتوغرافية
الفُوتوغرافي العبيدي عضو في مجموعات فوتوغرافية، وهي: اتحاد التصوير العالمي (GPU – Global Photography Union)، الاتحاد الدولي لفنون التصوير الفوتوغرافي ( FIAP – The International Federation of Photographic Art)، جمعية التصوير الفوتوغرافي الأمريكية (PSA – Photographic Society of America).




error: المحتوي محمي