عندما يتقاطع دور الإدارة التشريعية «الموارد البشرية» مع الإدارة التنفيذية.. لمن الغلبة؟

تسعى إدارة الموارد البشرية لخلق تنظيم داخلي مقتبس من الأنظمة والقوانين ذات العلاقة والمتوافقة مع طبيعة أعمال المنظمة بهدف تحقيق توازن بين الحقوق والمصالح لطرفي العمل (الموظف ورب العمل). وفي الجانب الآخر تسعى المنظمة بطبيعتها الربحية لتحقيق المكاسب وتقنين المصاريف وهو دور مشروع من أجله تم تأسيس المنظمة.

لو تمعنّا في تفاصيل العلاقة بين الإدارتين سنجد أنها تتقاطع كثيرًا خصوصًا إذا غلب على المنظمة الحس الربحي وغاب عنها الحس التنظيمي من خلال مركزية القرارات، وغاب عنها الحس الاجتماعي أيضًا (المسؤولية الاجتماعية)، من خلال هذا المقال سأطرح لكم نموذجًا لإحدى الشركات العالمية وكيف تمكنت من تحقيق معاييرها التنظيمية بشكل دقيق جدًا رغم التباعد الجغرافي بين إدارتها الأم وفروعها المنتشرة بين القارات.

عندما يصدر أمر مباشر (مخالف للتنظيم الداخلي) من الإدارة التنفيذية تجاه إدارة الموارد البشرية ستكون إدارة الموارد البشرية أمام خيارات محدودة، طبيعتها مجملًا التضحية، فإما أن تواجه إدارة الموارد البشرية الإدارة التنفيذية وترجعها عن قرارها أو تقنع الإدارة التنفيذية في تعديل قرارها بما يتناسب مع التنظيم الداخلي، فإن تحقق ذلك فذلك مثال نموذجي لتوافق الإدارتين. وفي نموذج آخر قد تصر الإدارة التنفيذية على تمرير قرارها وتصر إدارة الموارد البشرية أيضًا على منع القرار أو تعديله وفي مثل هذا السيناريو ستهتز العلاقة بين الإدارتين مما يجعل المستقبل الوظيفي لإدارة الموارد البشرية محل مراجعة، أو أن يتم تمرير القرار دون مناقشة لتتجنب إدارة الموارد البشرية أي تصادم يمكن أن يخل بمستقبلها الوظيفي، وفي نموذج آخر ربما تزكي إدارة الموارد البشرية القرار وتزيد عليه كقربان للإدارة التنفيذية.

ما يجعل جميع الاحتمالات مطروحة هو امتلاك الإدارة التنفيذية المستقبل الوظيفي لإدارة الموارد البشرية ما يجعلها عاجزة أحيانًا على تطبيق التنظيم بالشكل الصحيح وذلك من أجل حماية مستقبلها الوظيفي. أحد الفنادق العالمية صنع نموذجًا تنظيميًا يضمن لها تحقيق معاييرها التنظيمية بشكل دقيق يمنع المستثمر والمالك الحقيقي للفندق من التدخل في الأعمال التنظيمية والإدارية، فبمجرد حصول المستثمر على رخصة التشغيل من قبل الإدارة الأم للفندق يتم تعيين مدير عام من قبلها لمدة خمسة أعوام غير قابلة للتمديد. وصلاحيات المدير العام تنظيمية وإدارية بحتة يتم بموجبها تحقيق المعايير التنظيمية بطريقة نموذجية تسمح بتحقيق التنظيم الداخلي بشكل صحيح غير قابل للتجاوزات ويحول دون إمكانية تدخل المالك.

لو طبّقنا هذا النموذج في سوق العمل من خلال جعل إدارة الموارد البشرية خاضعة إداريًا لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ستتقلص التقاطعات بين الإدارتين وستتقلص معها المنازعات العمالية أيضًا. قسم الموارد البشرية قسم حساس جدًا، إذا لم تتم إدارته بشكل نموذجي قد يتسبب في أزمة حقيقية، فهو محطة توظيف مخرجات جبارة من المؤسسات التعليمية والاقتصادية.


error: المحتوي محمي